اليوم العالمي للغة العربية.. الحدث الأبرز للاحتفاء بلغة الضاد
قيل في وصف اللغة العربية: “أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُرُّ كامنٌ.. فهل سألوا الغوّاصَ عن صَدَفاتي؟”، فلا اختلاف على عظمة هذه اللغة وتفوّق اللسان العربي في الفصاحة والبلاغة، ولا عجب أن العربيّة احتوت عصورًا من البيان والعلوم والشعر والنثر، ولا زالت قادرةً على التكيُّف والتبلور، واستيعاب كلّ جديدٍ في عصرنا هذا. في إطار ما ذُكِر، ونظرًا لكون العربية من اللغات الأكثر انتشارًا حول العالم، كان لا بد من تخصيص يومٍ للاحتفاء بها، والوقوف على خصالها وجمالها، فضلًا عن تعريف العالم بأهم كُتّاب العربية وشعرائها، ليبقى هذا الإرث حيًا وحاضرًا في الأذهان، وفي هذا المقال، نتحدث عن اليوم العالمي للغة العربية وأبرز فعالياته لهذا العام، فتابع معنا.
نبذة عن اليوم العالمي للغة العربية
بدأت قصة اليوم العالمي للغة العربية بقرارٍ صادرٍ عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 18 ديسمبر 1973، نصّ على إدخال اللغة العربية ضمن مجموعة اللغات الرسمية المعمول بها في الأمم المتحدة، ذلك على الرغم من أن النسبة الأكبر من الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة تتحدّث بلغاتٍ أخرى غيرها. بناءً على ذلك القرار، اعتمدت اليونسكو اليوم العالمي للغة العربية عام 2012 للاحتفال بهذه اللغة سنويًا؛ انطلاقًا من رؤيتها المتمثلة في تعزيز تعدد اللغات وتنوع الثقافات تحت مظلة الأمم المتحدة، التي اعتمدت بدورها شعارًا متميزًا لليوم العالمي للغة العربية يرمي إلى توعية العالم بتاريخها المشرّف وأهميتها العظمى، ويتجلّى ذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة والفعاليات المختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن اليونسكو تعتزم إقامة عددٍ من الفعاليات في مقرها في باريس احتفالًا بيوم اللغة العربية لهذا العام، وتضم تلك الفعاليات نخبةً من الشخصيات العالمية في مجال الأدب العربي والصحافة والإعلام والتدريس وغيرها من المجالات، وسنطلعك على أبرز تلك الأنشطة لاحقًا في المقال.
أهمية اللغة العربية وأبرز ما يميزها
كما ذكرنا سابقًا، ينادي شعار يوم اللغة العربية العالمي بتذكير العالم بأهمية هذه اللغة العظيمة؛ لما تتمتّع به من مزايا وسماتٍ خاصة تجعلها تتفوق على غيرها من اللغات الأخرى في العالم. إليك أبرز ما تنفرد به هذه اللغة:
- لغة القرآن الكريم وجزء لا يتجزأ من أداء العبادات والصلاة في الإسلام
- إحدى اللغات الساميّة القليلة التي استمر وجودها إلى يومنا هذا
- لغة شعائرية رئيسية في عدد كبير من الكنائس المسيحية في الدول العربية
- إحدى اللغات الرسمية الستة في الأمم المتحدة
- اللغة الرسمية الأولى لدول الوطن العربي
- ينطق بها ما يزيد عن 400 مليون نسمة على مستوى العالم
- سبب كفيل لتوحيد الأمة العربية من المحيط إلى الخليج
- وسيلة رئيسية في نقل وحفظ تاريخ العرب منذ العصر الجاهلي
- عامل أساسي في توارث المعارف ونقلها ونشرها في مختلف أنحاء العالم العربي
- إحدى اللغات المميزة التي تُكتب من اليمين إلى اليسار
- إحدى أصعب اللغات تعلّمًا في العالم
- تنفرد بكونها من اللغات النادرة الغنية بالمفردات والصور الفنية؛ إذ تتفوق بعدد مفرداتها الذي يصل إلى ما يقارب 12 مليون كلمة
- الأصل لبعض المفردات الغربية في مختلف المجالات وعلى رأسها العلوم
أفكار للاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
يشكّل اليوم العالمي للغة العربية أهميةً كبيرةً للكبار والصغار على حدٍ سواءٍ؛ لذا لا بد من المشاركة في ذلك اليوم والتعبير عن تقديرنا للغتنا الأم بشتى الطرق والوسائل، كما يتوجب على كافة شرائح المجتمع على مستوى الأفراد والمؤسسات إحياءها، وهنا يجب التنويه إلى دور اليونسكو الكبير في مشاركاتها المؤثرة التي أسهمت في كشف الستار عن بعض القضايا المهمة المتعلقة باللغة العربية؛ مثل حلول بعض اللغات الأجنبية محلها في التواصل اليومي والمجال الأكاديمي، وحلول اللهجات العربية المحلية محل العربية الفصحى، وعليه من الواجب علينا أيضًا أن نكون جزءًا من هذه المشاركات الفعالة من مختلف مواقعنا. إليك أبرز افكار للمشاركة في اليوم العالمي للغة العربية للأفراد والمؤسسات، مرفقةً بنبذةٍ عن كلٍ منها:
الأسرة
تتمتع الأسرة بدورٍ محوريٍ فيما يتعلّق بتنمية حب لغة الضاد لدى الأبناء وتنشئتهم على تقديرها وإتقانها والحرص على استخدامها ما أمكن ذلك. من أفكار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية التي تثري معلومات أبنائك وتنمي روح المنافسة لديهم؛ طرح الأسئلة المعرفية المتعلقة بقواعد اللغة ومفرداتها وتراكيبها والمحسنات البديعية في نصوصها والمزيد، مع تخصيص جائزة مميزة للفائز كإهدائه إحدى قصص أو كتب اللغة العربية في الإمارات، التي يمكن شراؤها من أشهر المكتبات في دبي التي توفر مجموعات كبيرة من الكتب القيّمة بأسعارٍ زهيدة، إلى جانب المكتبات في الشارقة وغيرها من الإمارات الأخرى. بإمكانك أيضًا أنت وعائلتك في ذلك اليوم اختيار نصٍ عربي أو قصيدةٍ شعريةٍ نبطيةٍ أو معاصرةٍ والاطّلاع عليها والتعمّق في مزاياها، من ثم مناقشة تلك القطعة الأدبية وتناول أبرز خصائصها والعبر المستفادة منها والمصطلحات الجديدة فيها والمزيد من الأنشطة.
المدارس
يتّخذ الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في المدارس منحىً مختلفًا؛ نظرًا لاعتبار اللغة العربية مادةً أساسيةً في جميع المراحل الدراسية واعتمادها كلغةٍ رسميةٍ للتدريس، كما تتعدد الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لإطلاع الطلبة على هدف اليوم العالمي للغة العربية وضرورة مشاركتهم بالاحتفال فيه، فالقطاع التعليمي هو خير داعمٍ لها. فيما يلي قائمة بأفكارٍ مميزة للاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية في المدارس:
- تخصيص فقرة في الإذاعة مدرسية حول أهمية تعليم العربية وتعلّمها
- تنظيم مسابقة لأفضل قصيدة شعرية أو نصٍ نثري عن اليوم العالمي للغة العربية
- عرض مسرحية هادفة حول أهمية لغة الضاد وكيفية حفظها من الزوال والاندثار وسط التغيرات والتحديات المستمرة
- تزيين المدرسة والغرف الصفية بالجداريات واللوحات الإرشادية التي تضم عبارات التغنّي باللغة العربية
- تخصيص جائزة للقراءة باللغة العربية تعطى للطلّاب المتميزين في قراءة الكتب العربية القيّمة
- تدريب الطلبة على تنظيم عرض أو إلقاء نشيد عن اليوم العالمي للغة العربية
- مشاركة المعلمين في توعية الطلّاب حول تاريخ اللغة العربية والخطر المحدّق بها في الوقت الحالي وضرورة الحفاظ عليها
القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي
لا شك أن القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تعد بمثابة حلقة الوصل بين المعرفة والمتلقي، وكما أن لها دورٌ كبيرٌ في نقل أخبار العالم جميعها وجعلها في متناول الجميع، تسهم هذه المنصات في توعية الجمهور المستهدف حول قيمة اللغة العربية وما تمثله بالنسبة للشعوب العربية؛ إذ إنها عاملٌ أساسي في توحيدها وتقريبها.
في يوم اللغة العربية من كل عام، يمكن لكبار الشخصيات إلقاء كلمة عن هذا اليوم المميز بحيث يتم بثها في أشهر القنوات التلفزيونية، كما يمكن عرض حلقاتٍ تلفزيونية أو فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها توضيح تسلسل الأحداث التاريخية والوقائع التي مرت بها العربية حتى آلت إلى ما هي عليه الآن؛ إذ إن لكل أمةٍ وحقبةٍ تاريخيةٍ أثرٌ في تطور اللغة وصقلها. من الأفكار الأخرى التي يمكن تطبيقها في ذلك اليوم نشر الصور التوضيحية التي تعبّر عن كلماتٍ عربيةٍ أصيلةٍ لا يألفها الكثيرون وتوضيح معاني كلٍ منها وكيفية استخدامها في سياق الحديث، أو التعريف بكبار الشخصيات الأدبية وأبرز الإنجازات التي قدمتها تلك الشخصيات وأسهمت في إثراء الحصيلة الأدبية باللغة العربية في الماضي والحاضر.
الجمعيات والمؤسسات الأخرى
تشمل نشاطات اليوم العالمي للغة العربية أيضًا المؤسسات والهيئات العامّة والخاصّة؛ إذ تتنوع أفكار المشاركة في اليوم العالمي للغة العربية التي يمكن لتلك المؤسسات تطبيقها؛ مثل تزيين مكان العمل باستخدام صور أو تصاميم عن اللغة العربية أو حتى عبارات وأشعار عربية جميلة، كما يمكن للجمعيات إلقاء ندوة عن يوم اللغة العربية شاملة لتفاصيل هامّة وحقائق حول العربية ومدى انتشارها وأصلها وما يميزها عن سائر اللغات في العالم، أو إقامة جلسةٍ حواريةٍ بين موظفي المؤسسة يشاركون فيها بعض المعلومات القيمة والجديدة، كما وسيكون من اللطيف من رؤسائها إلقاء كلمة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، بحيث يشيدون بأهمية هذا الحدث؛ فهم خير قدوة لذلك. أما إن كان بعض الموظفين يتمتعون بموهبة الكتابة والتأليف بالعربية، فبإمكانهم أن يشاركوا زملاءهم لمحةً من كتاباتهم وأعمالهم؛ إذ لا وقت أفضل من يوم اللغة العربية لمشاركة تلك الأعمال الفنية والثناء على المميز منها.
اللغة العربية في الامارات
تتجلّى تلك العناية الفائقة باحتضان الإمارات عددًا من المؤسسات والمراكز البحثية المتخصصة في اللغة، فضلًا عن إطلاقها مجموعة من المبادرات التي من شأنها احتضان اللغة والإسهام في نشرها، والمتمثلة بإقرار برنامج المحافظة على اللغة الأم، وتطوير مناهج اللغة العربية في الإمارات، وإطلاق مجمع محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة، وتنظيم تحدّي القراءة العربي، وعقد أسبوع اللغة العربية إلى جانب استضافتها لمؤتمر اللغة العربية الدولي سنويًا، وإطلاق تحدي القراءة العربي الشهير وغيرها الكثير. أما إن كنت تتساءل أين أتعلم العربية، فتتوفر العديد من معاهد تعليم العربية لغير الناطقين بها في الإمارات التي تضم أمهر الكوادر التعليمية لتسهم في نشر اللغة على نطاقٍ واسعٍ؛ مثل مجموعة معاهد دورات تعلم اللغة العربية في دبي وغيرها من المراكز.
تاريخ اليوم العالمي للغة العربية
يتم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عامٍ، وقد تم اختيار هذا اليوم بالتحديد ليوافق التاريخ الذي أُدرجت فيه اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية في منظمة الأمم المتحدة.
احتفالات اليوم العالمي للغة العربية في اليونسكو
تطلق اليونسكو كلّ عامٍ شعارًا جديدًا للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وشعار هذا العام “اللغة العربية والذكاء الاصطناعي: تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي”، إذ تُقام مناسبات اليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونسكو بباريس يوم 18 ديسمبر. تهدف الفعالية إلى استكشاف العلاقة بين اللغة العربية والتطور التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تعزيز وجود اللغة في العصر الرقمي، وإيجاد حلول مبتكرة لسد الفجوة الرقمية، وحماية الإرث الثقافي العربي.
أهداف الفعالية
- سدّ الفجوة الرقمية بين عدد الناطقين بالعربية (450 مليون شخص) والمحتوى المتاح على الإنترنت (3%)
- استعراض آليات استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الابتكار في اللغة العربية
- الحفاظ على التراث الثقافي العربي وتعزيزه باستخدام أدوات رقمية متقدمة
برنامج الفعالية
- كلمات افتتاحية يلقيها خبراء بارزون في مجال الذكاء الاصطناعي والثقافة
- جلسات نقاش رئيسية تغطي:
- الابتكار في الذكاء الاصطناعي العربي
- الحفاظ على اللغة والتراث الثقافي
- تعزيز التمكين الرقمي للمتحدثين بالعربية
- عرض فني للخط العربي المضيء في ختام الفعالية
تفاصيل الفعالية
- الموعد: 18 ديسمبر 2024
- الموقع: مقر اليونسكو، باريس، القاعة الرابعة
نختتم مقالنا الشامل حول اليوم العالمي للغة العربية لعام 2024؛ تلك المناسبة التي تجمع محبي لغة الضاد المدركين لقيمتها وتاريخها الضارب في القدم، حيث ذكرنا لمحات عن مزايا العربية التي تفرّدت بها عن لغات العالم، وأفكارًا حول كيفية الاحتفال بهذه المناسبة، إلى جانب الفعاليات المرتقَبة لهذا العام في أبوظبي. إن كنت مهتمًا باستكشاف المزيد حول الفعاليات المتعلقة باللغة العربية، نوصيك بالاطّلاع على جائزة محمد بن راشد للغة العربية، وكيفية الترشح لها، كذلك عليك باستكشاف مجمع اللغة العربية في الشارقة؛ الصرح الثقافي العظيم في الإمارة.
ستجد المزيد من المقالات المنوّعة والمفيدة في ماي بيوت، المدوّنة العقارية الأولى من نوعها في الإمارات، فتفضّل بتصفّحها، ولا تتردد بالتواصل معنا عبر حيّز التعليقات، كما يمكنك الاشتراك في نشرة ماي بيوت الأسبوعية، ليصلك كلّ جديدٍ حول المواضيع التي تهمّك.