الاقتصاد الأخضر في الإمارات
تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة بصدد الحفاظ على البيئة والتحول بشكل تدريجي نحو الاقتصاد الأخضر في شتى المجالات وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، حيث أطلقت “استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء” التي تهدف من خلالها حتى تكون واحدة من دول العالم الرائدة في مجالات الطاقة المتجددة تحديداً، ومركزاً لتصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، فضلاً عن الحفاظ على بيئة سليمة تدعم نمواً اقتصادياً طويل المدى، وذلك بناءً على مجموعة من المشاريع تم إطلاقها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الإمارات. نتعرف في هذا المقال على ملامح الاقتصاد الاخضر في الامارات والخطوات التي اتخذتها الحكومة لتحقيق استراتيجيتها على المدى المنظور والبعيد.
ملامح الاقتصاد الاخضر في الامارات وأبرز أركانه
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لتطبيق مفهوم الاقتصاد الأخضر في كافة أنحائها، فمثلاً تم إطلاق استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف لجعل دبي مركزاً عالمياً للطاقة النظيفة والاقتصاد الاخضر، وغيرها من المشاريع والمبادرات التي تضمن بناء مستقبل مستدام لأجيالها الحاضرة والمستقبلة، حيث تبنت منهجية الاقتصاد الأخضر كأحد مسارات التنمية المستدامة عبر “استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء” التي تساعد على تحقيق رؤية الإمارات 2021، وتشمل المبادرة مجموعة من البرامج والسياسات في مجالات الطاقة والزراعة والاستثمار والنقل المستدام، إضافة إلى سياسات بيئية وعمرانية جديدة تهدف إلى رفع جودة الحياة في الدولة. تتمثل الأركان الرئيسية التي تشملها الاستراتيجية بما يلي:
- الطاقة الخضراء: مجموعة من البرامج والسياسات الهادفة لتعزيز إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة والتقنيات المتعلقة بها، بالإضافة إلى تشجيع استخدام الوقود النظيف لإنتاج الطاقة، والعمل على تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير معاييرها في القطاعين الحكومي والخاص
- السياسات الحكومية: العمل على تشجيع الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر، وتسهيل عمليات إنتاج واستيراد وتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، بالإضافة إلى خلق فرص عمل للمواطنين في هذه المجالات وتجهيز الكوادر الوطنية فيها
- المدينة الخضراء: يتضمن مجموعة من سياسات التخطيط العمراني الهادفة للحفاظ على البيئة، ورفع كفاءة المساكن والمباني بيئياً، وتشجيع الاعتماد على وسائل النقل الصديقة للبيئة أو ما يسمى بالنقل المستدام، فضلاً عن برامج تهدف إلى تنقية الهواء الداخلي للمدن في دولة الإمارات العربية المتحدة لتوفير بيئة صحية للجميع
- مكافحة الاحتباس المناخي: يتم ذلك عبر سياسات وبرامج تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية من المنشآت الصناعية والتجارية، بالإضافة إلى تشجيع الزراعة العضوية وتقليل الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى تقليل المساحات الخضراء
- الحياة الخضراء: يشمل مجموعة من السياسات والبرامج الهادفة لترشيد استخدام موارد الماء والكهرباء والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى مشاريع الرَّسكَلة أو إعادة تدوير النفايات في الامارات
- التكنولوجيا والتقنية الخضراء: يتم التركيز على أهم تقنيات التقاط وتخزين الكربون، بالإضافة إلى تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة
أبرز مشاريع الاقتصاد الأخضر في الإمارات
الحد من حرق النفط والغاز
تُصدر الحرائق كمّاً هائلاً من الغازات السامة التي تتصاعد إلى الغلاف الجوي سنوياً، وقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في الحدّ من حرق الغاز الطبيعي الناتج عن صناعة النفط والغاز في حقول النفط في الإمارات، كما أن سياستها آخذة في التحول من الحد الأدنى للحرق إلى الاعتماد بشكل كامل على مصادر الطاقة البديلة، كما تستضيف العاصمة الإمارتية أبوظبي القمة السنوية لإدارة وخفض الحرق منذ عام 2012، وذلك في سبيل تبادل الخبرات بشأن تقليل حرق الغاز. تجدر الإشارة إلى أن كافة شركات النفط والبترول أصبحت تتجه نحو القضاء على الحرق الروتيني، حيث تمكّنت أدنوك من خفض حرق الغاز بنسبة (76.4%) في عام 2013، ومن جهتها، تمكّنت شركة التنقيب والإنتاج الخارجية (E&P) من الوصول إلى نسبة حرق بلغت صفر فعلياً في حقول زاكوم للمرة الأولى.
ترشيد استهلاك الطاقة في الصناعة
يُعتبر ترشيد استهلاك الطاقة في المجال الصناعي أولوية لحكومة الإمارات في سعيها نحو بناء اقتصاد أخضر مستدام، ومن أهم الخطوات التي تحققت في هذا الصدد، إعلان موانئ أبوظبي ومدينة خليفة الصناعية “كيزاد” عن بدء أعمال البناء والتطوير الخاصة بالشركة الوطنية للمواد الغذائية على مساحة 752 ألف متر مربع كمصنع إنتاج في كيزاد، وتكون دولة الإمارات العربية المتحدة بذلك قد شيّدت أول مصنع في العالم يعمل بطريقة آلية بالكامل، ويُدار بمفهوم التوفير الأقصى للطاقة، بالمقابل، قامت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم بتنفيذ توليد مشترك للكهرباء وإعداد الدورة المركبة في محطات توليد الكهرباء الخاصة، لتحقق نسبة 46-48% من الكفاءة الحرارية. الجدير بالذكر أن كثافة الغازات الدفيئة في الإنتاج الصناعي في دبي انخفضت بنسبة 12% خلال خمس سنوات، ما يشير بنجاعة الخطوات العملية التي اتخذتها الدولة.
الاعتماد على الوقود النظيف
يشكّل الغاز الطبيعي مصدراً بديلاً ومتجدداً ونظيفاً للوقود مقارنةً بالبنزين، نظراً لإصداره انبعاثات أقل، كما أن تكلفة تشغيله للمركبات أقل بحوالي 30%، وتتمتع الشركات التابعة لشركة أدنوك لتوزيع الوقود ومعالجة الغاز بدور ريادي في التوسع باستخدام الغاز الطبيعي المضغوط للمركبات، وذلك من خلال الاستثمار في البنية التحتية، لضمان توافر محطات وقود كافية لتلبية الطلب الإضافي لمثل هذه المركبات. تشمل أهم أصناف الوقود الحديث ما يلي:
الديزل الأخضر
أصبحت الإمارات رائدة دول الشرق الأوسط فيما يتعلق باستخدام الوقود النظيف، حيث قامت عام 2014 بإلزام جميع المركبات التجارية التي تعمل بالديزل الذي يحوي 500 جزء في المليون من الكبريت، على استخدام “الديزل الأخضر” الذي يحتوي على 10 أجزاء في المليون فقط، وهو قريب من المعايير الأوروبية التي تصل إلى 5 أجزاء في المليون من الكبريت، وعن الفائدة التي سيُحققها ذلك، فإن انخفاض منسوب الكبريت سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الجسيمات والملوثات، وسيساهم في خلق بيئة صحية نظيفة.
محطات وقود للخدمة الخضراء
افتتحت أول “محطة وقود للخدمة الخضراء” في حي تلال الإمارات في إمارة دبي، حيث يطبق هذا النوع من المحطات أحدث التقنيات والمواصفات وأهمها أجهزة لاحتواء عوادم البنزين الصادرة من المضخة ونظام عازل للمخلفات، بالإضافة إلى صناديق نفايات ملونة وأثاث مصنوع من المواد المعاد تدوريها، إلى جانب نظام تفريغ مركزي يدعم المحافظة على الطاقة ويقلل المخلفات والضوضاء . تولد المحطات الخضراء نصف احتياجاتها من الطاقة عبر المصادر المتجددة، حيث تستخدم أعمدة تعمل بالطاقة الشمسية، فضلاً عن الإضاءة والمصابيح ذات الصمام الثنائي الباعث للضوء، كما تستخدم هذه المحطات صنابير مياه ذو جهاز استشعار في دورات المياه، كما تُعيد استخدام مياه غسل السيارات، مع توفير نظام غسل السيارات بدون مياه، وذلك بواسطة سائل صديق للبيئة متعدد الاستخدام، فضلاً عن زيادة الاعتماد على الوقود الأخضر في كثير من الصناعات التحويلية في الإمارات.
تشجيع ترشيد استهلاك الطاقة
يعتبر التعاون بين الأفراد والشركات ورفع وعيهم تجاه ضرورة استهلاك الطاقة بكفاءة أمر ضروري لتحقيق الاستدامة في الإمارات، فقد قامت هيئة كهرباء ومياه دبي ديوا منذ عام 2013 في دبي، بإدراج بيان عن انبعاثات مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون لاستهلاك العميل من الكهرباء مرفقاً مع فاتورة الكهرباء، بهدف زيادة الوعي بأثر ذلك على التغير المناخي، وإطلاعهم على خطط الاقتصاد الأخضر في الإمارات، ومن الجدير بالذكر أنه وفقاً لتقرير الكوكب الحي 2006 الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة، سجلت دولة الإمارات أعلى بصمة بيئية في العالم.
إطلاق العديد من المدن المستدامة
لم تقتصر جهود دولة الامارات على تقديم الحملات التوعوية التي تدور حول الإقتصاد الأخضر الإمارات، بل سعت إلى تدشين وإطلاق العديد من المدن المستدامة في دبي التي تستخدم طرق حديثة للحفاظ على الموارد الطبيعية وتجنب استنزاف الماء والكهرباء، حيث تتميز كافة المدن المستدامة باتباع استراتيجيات مختلفة تساعد بدورها في الحفاظ على الموارد الطبيعية والحصول على الاقتصاد الاخضر في دبي وباقي مدن الامارات، كتصميم البيوت الخضراء والمنازل البيئية المستدامة باستخدام مواد بناء صديقة للبيئة لضمان كفاءة استهلاك الطاقة بشكل مثالي، ومن أبرز هذه المدن:
- مدينة دبي المستدامة
- مدينة زهرة الصحراء
- مدينة دبي الجنوب
- واحة دبي للسيليكون
- جميرا جولف استيت
أرست الإمارات أركان العديد من المشاريع الكبرى في مجال الطاقة المتجددة في الامارات، أهمها “شمس 1” التي تعتبر أكبر محطة طاقة شمسية مُركزة في العالم، وكذلك محطة إنتاج الطاقة من النفايات في أبوظبي، والحديقة الشمسية في دبي، كما أطلقت مشروع مدينة مصدر في أبوظبي الذي يهدف إلى تقديم نموذج تجاري دائم لمدينة صديقة للبيئة، مما جعلها أول محرك للطاقة النظيفة في المنطقة.
أنظمة تبريد المناطق
تعتبر الإمارات دولة رائدة في تبني أنظمة تبريد المناطق التي تُعتبر بديلاً ناجحاً لمُكيفات الهواء التقليدية، حيث تستهلك هذه الأنظمة 50% طاقة أقل من الأنظمة التقليدية.
توفير وسائل نقل مستدامة
تُعرّف أنظمة النقل المستدامة على أنها الوسائل التي تعمل على تقليل استخدام الأفراد لسياراتهم الشخصية والاعتماد بشكل أكبر على وسائل النقل العام بما يُقلل من استهلاك الوقود، ومن أبرز وسائل النقل التي شيّدتها الإمارات:
- أبوظبي
- المترو
- السكك الحديدية الخفيفة
- دبي
- الترام
جمعنا في هذا المقال أبرز الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تحقيق مفهوم الاقتصاد الأخضر، حيث برزت كثيراً من مشاريع الاقتصاد الاخضر في الامارات مثل محطات الوقود الخضراء ومشاريع الطاقة البديلة، بالإضافة إلى إقرار سياسات ترسّخ مفهوم البيئة المستدامة. إذا رغبت في الاطلاع على المزيد من المقالات التي تتناول مواضيع مختلفة مثل أضرار النفايات البلاستيكية على البيئة وغيرها، فيُمكنك الاستمتاع بتصفح مدونة ماي بيوت، ولا تنس أيضاً الانضمام إلى مجموعة ما بيوت على الفيسبوك لتصلك آخر مقالاتنا التي ننشرها على الدوام مثل مبادرة شمس دبي.