بيت محمّد بن خليفة.. نافذةٌ مطلّةٌ على عبق الماضي
على الرُغم من السّبق التكنولوجي والعمرانيّ الذي حققته إمارة أبوظبي على مرّ العقود، إلا إنها لا زالت تحتفي برموز الماضي ومقدّرات التراث، باعتبارها الأصل الذي انبثقت منه الحكاية، واندرجت تحته الإنجازات على جميع الأصعدة. في إطار ما سبق، كثّفت الجهات المسؤولة جهودها في حفظ الإرث المجتمعي والاعتناء به؛ ليكون نقطة استقطابٍ للسياح من الداخل والخارج، وشاهدًا على التاريخ الضارب في القِدَم والحقب التي شهدتها أبوظبي، تحديدًا منطقة العين، فضلًا عن العائلات الحاكمة التي تعاقبت على أرضها، وفي هذا المقال، نستعرض بيت محمد بن خليفة التراثي في أبوظبي، ونورد لمحة عن تاريخه وتشييده وأهم مرافقه، فتابع معنا.
نبذة عن بيت محمد بن خليفة التراثي
يعود تاريخ بيت محمد بن خليفة إلى العام 1958، ليكون بيتًا لسموّ الشيخ محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان – رحمه الله -، وهو والد زوجة المغفور له بإذن الله سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه -، الوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة. تم انتقاء موقع البيت بعنايةٍ بالغةٍ، فغدا محطّ أنظارٍ للمسافرين من العين إلى أبوظبي، وأول ما تقع أعينهم عليه، كما أن بناءه قد تزامن مع حقبة التحول الكبير في الإمارات، أي ما بين ثلاثينات وستينات القرن الماضي؛ إذ امتازت تلك الحقبة بتنوّع الأساليب المعمارية وازدهارها، نتيجةً لاكتشاف النفط آنذاك.
نذكر أن سموّ الشيخ محمد بن خليفة – طيّب الله ثراه – تمتع بشخصية مؤثّرة وحضور تاريخي قويّ على مرّ الأحداث البارزة التي شهدتها إمارة أبوظبي والدولة ككلّ، إلى جانب دوره وتواجده الكبير في مجتمع العين، حتى غدا منزله جزءًا لا يتجزّأ من المنطقة، وعنصرًا ترتسم به هويتها، أما في الوقت الحالي، تم تجديد المبنى وتطويره ليغدو مركزًا ثقافيًا يستقبل الزوّار، وسنتطرّق لهذا الجانب لاحقًا، كما أُدرِج على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي؛ نظرًا لتقديمه لمحاتٍ عن التحولات الاجتماعية والعمرانية التي طرأت على العين خلال انتقالها إلى مرحلة الحداثة؛ فهو بمثابة حلقة وصل بين تاريخ العين في مرحلة ما قبل النفط من جانبٍ والعصر الحاضر من جانبٍ آخر.
المحاور والرؤى
لم تأتِ عمليات التجديد والترميم للبيت من فراغ، إنما انبثقت من رؤيةٍ ساميةٍ؛ هي تأسيس مركز مجتمعي ثقافي نابض بالحياة، يحيي ذكرى المغفور له الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان – رحمه الله -، كما يسلّط الضوء على فترة التحول الحضري باعتبارها حقبة محورية ونقلة نوعية في تاريخ العين. إضافةً إلى ما ذُكِر، تتمحور رسالة هذا المركز حول الاستجابة لاحتياجات المجتمع المحلّي، وتقوية النسيج المجتمعي في العين، إلى جانب توطيد العلاقات بين أفراده وتوثيقها.
أخيرًا، تحتضن الجهات المسؤولة عن المركز قيمًا سامية، وتؤمن بأهمية رعاية هذا المكان، والتعبير عن الاحترام العميق تجاه كلّ ما يحتضنه من مقدراتٍ تاريخيةٍ وثقافيةٍ لا مثيل لها في غيره، لا سيّما وأنه مثالٌ حيٌ على بيوت الإمارات قديمًا.
مساحات التأجير في بيت محمد بن خليفة
انطلاقًا من أهمية خدمة المجتمع المحلّي وتلبية احتياجاته، تم تجهيز العديد من المساحات داخل البيت وخارجه لتؤجّر للأفراد، بحيث تُقام فيها الاجتماعات والمناسبات، كذلك الفعاليات الفنية والندوات والمحاضرات بأنواعها. إليك مساحات التأجير في بيت محمد بن خليفة مرفقة بنبذة حول كلٍ منها:
الساحة
تشكل الساحة أكبر مساحات البيت وأكثرها رحابةً، حيث تقع في المنتصف وتتسع لنحو 250 شخصًا، كما أنها مفتوحة في الهواء الطلق، وتعد الخيار الأمثل لإقامة الفعاليات والعروض الضخمة ليلًا أو نهارًا. نذكر أن الساحة تشتمل على منصة تُدعى “المنامة”، حيث تقع في المنتصف وتأتي بميزات “التوصيل والتشغيل” الصوتية والمرئية السهلة، ما يجعلها مثالية للعروض الحيّة.
قاعة 2
تعد هذه القاعة ثاني أكبر قاعات البيت، وتم تخصيصها للورش المجتمعية؛ إذ تتسع لنحو 15 شخصاً على الأكثر، وتضم طاولات وشاشة تلفزيونية حديثة، إلى جانب طاولة مخصصة لورش العمل تشتمل على مغسلة.
قاعة 3
صُممت هذه القاعة لاستضافة الورش التفاعلية، والجلسات الدراسية، والمحاضرات، كما أنها تستوعب 8 – 12 شخصًا، وتضم طاولات ومقاعد ومنصّة للتحدُث.
قاعة 4
تشبه القاعة السابقة في خصائصها واستخداماتها، إلا إنها تتسع لنحو 15 شخصاً كحدٍ أقصى.
قاعة الاجتماعات
يجمع تصميمها بين الكفاءة والعملية؛ إذ تضم طاولة اجتماعات متوسطة الحجم وشاشة حديثة ومقاعد، كما تستوعب 6 – 8 أشخاص، ما يجعلها مثالية للقاءات العمل.
مرافق البيت
لعلّك تتساءل عمّا يمكن استكشافه عند زيارة بيت محمد بن خليفة، ونحيطك علمًا بأن معلم بيت محمد بن خليفة الأبرز هو الطابق الأرضي؛ فهو الجزء المدرَج ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي، ويضم قسمين؛ هما لمحة عن ستينيات القرن العشرين، ورحلة عبر تاريخ البناء. الجزء الآخر في البيت هو مسكن الأسرة، ويشتمل على كلٍ من:
- الطابق الأول، ويضم الأقسام الثقافية الآتية:
- تكييف تقاليد البناء
- صون التراث للأجيال القادمة
- تطور منطقة العين خلال الفترة الانتقالية
- حياة وعهد الشيخ محمد بن خليفة
- قلب المجتمع
- المصلّى
- دورة المياه
- السلالم
- المصاعد
- مدخل الكراسي المتحرّكة
فعاليات بيت محمد بن خليفة الثقافية
علاوةً على استكشاف الأقسام والمرافق المذكورة أدناه، تشمل فعاليات بيت محمد بن خليفة الثقافية زيارة المعرض الدائم، الذي يقدم لزوّاره لمحة عامة عن تاريخ المنزل العريق ومواقع التراث العالمي في منطقة العين، كما يطلعهم على قصة بيت محمد بن خليفة وتطوره عبر الزمن، فضلًا عن التغيرات التي شهدتها المدينة المحيطة به على مدار الستين عامًا المنصرمة.
يضم المعرض كذلك تجربةً تفاعليةً تحت مسمى ” حياة وعهد الشيخ محمد بن خليفة”، حيث تتناول مقدمة إلى حياة سمو الشيخ وسيرته، باعتباره أحد الشخصيات البارزة في عائلة آل نهيان، فهي من أعرق العائلات الحاكمة في الإمارات، تحديدًا في إمارة أبوظبي. إضافةً إلى ذلك، يمكن للزوار استكشاف نبذة عن الحياة اليومية لسموّ الشيخ، كذلك هواياته واهتماماته؛ من بينها البستنة والصقارة وإدارة مزارع النخيل.
من الجوانب الأخرى التي يمكن التعرُف عليها في المعرض الفنون المعمارية المذهلة ودقة التفاصيل، ولا ننسَ الأعمال الموسيقية لفناني الإمارات والعالم العربي القدماء؛ أمثال الشاعرة عوشة السويدي والمغنّي علي بن روغه والمطربة الشهيرة أم كلثوم، ناهيك عن الإصغاء إلى القصص التي يرويها كبار السن في العين؛ إذ تتمحور حول حياتهم وأعمالهم خلال تلك الفترة الزمنية.
موقع بيت محمد بن خليفة ومعلومات التواصل
لطالما كان موقع بيت محمد بن خليفة استراتيجيًا، حيث يقع في منطقة العين التابعة للعاصمة، تحديدًا في برج الغزلان، ويمكنك معرفة المزيد حوله من خلال معلومات التواصل الآتية:
- أوقات العمل: 09:00 صباحًا – 08:00 مساءً (يوميًا)
- التواصل: 8335 711 03
إلى هنا نختتم دليلنا الشامل حول بيت محمد بن خليفة؛ المعلم الثقافي المميز الذي يستعرض تاريخ العين القديم، ورحلة الانتقال من العصر القديم إلى الحديث، حيث تناولنا أهم مرافقه وفعالياته الثقافية، فضلًا عن معلومات التواصل، ليتسنّى لك زيارته في القريب العاجل. إن كنت مهتمًا باستكشاف المزيد من الوجهات المشابهة في الإمارات، ألقِ نظرة على بيت الشيخ سعيد آل مكتوم وتمعّن روعة تفاصيله وعراقة بنيانه، كما نوصيك بالتعرُف على بيت الشيخ عبيد بن ثاني، الذي تحوّل من منزلٍ تقليدي إلى تحفةٍ تراثيةٍ مميزةٍ.
ستجد المزيد من المقالات المنوّعة والمفيدة في مدوّنة ماي بيوت، المدوّنة العقارية الأولى من نوعها في الإمارات، فتفضّل بتصفّحها، ولا تتردد بالتواصل معنا عبر حيّز التعليقات، كما يمكنك الاشتراك في نشرة ماي بيوت، ليصلك كلّ جديدٍ حول المواضيع التي تهمّك أسبوعيًا.
حقوق صورة الغلاف تعود للموقع الرسمي لبيت محمد بن خليفة