المنازل ثلاثية الأبعاد… مستقبل العقارات في دبي
بالرغم من التطور الهائل الذي تشهده إمارة دبي في شتى المجالات، إلّا أنها ركزت مؤخراً على إحداث ثورة في عالم العقارات مع تطور تقنية طباعة المنازل ثلاثية الابعاد التي ذاع صيتها منذ عدة سنوات.
يستحق الموضوع أن نسلط الضوء عليه، لكن قبل أن نتحدث عن تصاميم منازل ثلاثية الابعاد وتكلفتها وإمكانية امتلاكها، سنتعرف أولاً على بعض الأمور الأساسية المتعلقة بها.
ما هي الطباعة ثلاثية الابعاد ؟
الطباعة ثلاثية الأبعاد هي عملية إنشاء المجسمات ثلاثية الأبعاد من ملف رقمي على جهاز الحاسوب، في حين أن النموذج القياسي للبناء ينطوي على تفريغ المعادن. يمكن للطباعة ثلاثية الأبعاد إنشاء عدد من الطبقات المتتالية لبناء أشكال معقدة دون إهدار في هذه المواد.
تطورت هذه التقنية مؤخراً، حتى وصلت للأعضاء البشرية وإمكانية استنساخها، والتي تعرف باسم الطباعة الحيوية، إذ من المتوقع أن تحدث ثورة في عالم زراعة الأعضاء. أصدرت اول شهادة براءة اختراع للطباعة ثلاثية الابعاد الى تشاك هال، مخترع الطباعة المجسمة (اسم آخر للطباعة ثلاثية الأبعاد)، وهو المسؤول التنفيذي الحالي لشركة ثري دي سيستيم في كاليفورنيا المختصة في تصميم وإنتاج الطابعات ثلاثية الابعاد وبيعها.
مزايا طباعة المنازل ثلاثية الابعاد
تتلخص أهمية هذه التقنية في إمكانية طباعة المنازل بأسعار معقولة. لا تعتمد هذه التقنية على الكثير من الأيدي العاملة ولا على تصنيع المواد الخام، إذ من المحتمل أن تلاقي هذه التكنولوجيا ترحيباً كبيراً في الدول الضعيفة اقتصادياً، مثل السودان أو كوسوفو.
يستغرق بناء المنازل ثلاثية الابعاد وقتاً أقل بكثير مقارنةً مع طرق البناء التقليدية، حيث تستخدم المناطق المنكوبة بالكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والأعاصير، هذه التقنية لإعادة ترميم وبناء مبانيها بوقت قصير نسبياً.
هذا وأظهرت الأبحاث مؤخراً أن المنازل التي تتم طباعتها بالتقنية ثلاثية الأبعاد تلائم البيئة أكثر من أساليب البناء التقليدية، إذ تتجه العديد من الشركات لاستخدام المواد البلاستيكية التي تطفو على سطح الماء، والأكياس البلاستيكية لإعادة تدويرها واستخدامها.
تجري وكالة ناسا العديد من الأبحاث حول التخلص من أكبر تحديات البناء في الفضاء الخارجي، ألا وهي عملية نقل مواد البناء والعمال الى الموقع من أجل البناء على سطح القمر، كما وتتوقع ناسا أن تساعد هذه التقنية على حل أغلب التحديات التي تواجهها.
كما ذكرنا سابقاً، فإن دولة الامارات العربية المتحدة من أكبر الداعمين لهذه التقنية، فقد استأجرت اللجنة الوطنية لدولة الامارات العربية المتحدة في العام الماضي شركتين متقدمتين، شركة جينسلر من كاليفورنيا وشركة البناء البارز من شنغهاي، لإنتاج مباني ثلاثية الابعاد تعد الأكثر تطوراً في العالم. تم طباعة وبناء “مكتب المستقبل” في غضون 17 يوماً فقط، ويومين لتثبيته، كما وتم تزويده بخدمات المياه والكهرباء والتكييف وخطوط الاتصالات السلكية واللاسلكية في وقتٍ قياسي.
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في حفل افتتاح “مكتب المستقبل”: “نحن نطبق ما خططنا له، ونتابع الإجراءات، لا النظريات، إن العالم الذي يتغير بسرعة يتطلب منا تسريع وتيرة التنمية لدينا من أجل تاريخ لا يعترف بخططنا، بل بإنجازاتنا”.
استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد
بعد النجاح الكبير الذي حققه “مكتب المستقبل”، وضع صاحب السمو وفريقه استراتيجية للطباعة ثلاثية الأبعاد بما يتماشى مع رؤية مؤسسة دبي للمستقبل و دبي الذكية وباقي الجهات الحكومية الأخرى. فقد كتب على موقع مؤسسة دبي للمستقبل: “تعتمد هذه الاستراتيجية تقنية ناشئة من شأنها أن تساعد في خفض التكاليف في العديد من القطاعات، وخاصة قطاع الطب والبناء في دبي، كما ستعمل هذه التكنولوجيا على إعادة هيكلة الاقتصاد وأسواق العمل، وإعادة تعريف الإنتاج”.
تهدف مؤسسة دبي للمستقبل في عام 2025 وما بعد الى اشتمال كل مبنى على 25% من تصميمة على شكل ثلاثي الأبعاد، إذ تتمحور توقعاتهم حول تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد لتقليل العمالة بنسبة 70%، وتخفيض كل من التكلفة بمقدار 90% والوقت بمقدار 80% في مختلف القطاعات.
دخلت حكومة دبي بشراكة مع شركة رينكا الروسية الواقعة في سولر بنكرز في الولايات المتحدة الامريكية لتنفيذ استراتيجية تصميم منازل ثلاثية الابعاد في دبي، حيث تهدف هذه الشركة الى إنشاء جدران مطبوعة ثلاثية الأبعاد مصنوعة من الأسمنت الجيولوجي الصديق للبيئة، والتي يمكن أن تقلل من انبعاثات الكربون بعشرة أضعاف.
سعياً منها للتطور ودعم المشاريع ثلاثية الابعاد، شاركت حكومة دبي الشركة المحلية كازا لتكنولوجيا البناء والمتخصصة في الطباعة ثلاثية الابعاد. يدير كريس كيلسي المولود في بنسلفانيا والبالغ من العمر 19 عاماً هذه الشركة، حيث أحضر هذه التكنولوجيا معه من منطقة وادي السيليكون. كما صممت شركة كيلسيز روبوتات متنقلة للطباعة ثلاثية الابعاد، والقادرة على تصميم منزل مساحته 200 متر مربع خلال يوم واحد فقط، وبمساعدة اثنين من العمال لا غير.
تكلفة طباعة المنازل ثلاثية الابعاد
تمكّنت الشركة الروسية ابيس كور اند بيك في العام الماضي من طباعة منزل سكني خلال 24 ساعة فقط، فقد بلغت مساحة المنزل 38 متر مربع، ويتميز بتصميم عصري وأرضيات خشبية وأنظمة من شركة سامسونج. لا يشكّل الطقس البارد في روسيا عائقاً بالنسبة لسكان هذه المنازل، كونها تشتمل على مواد للعزل الحراري مصنوعة من البولي يوريثان السائل وبعض العناصر الصلبة. يُعتبر هذا المشروع أحد أكثر المشاريع نجاحاً من حيث التكلفة في عام 2017، إذ بلغت تكلفته الإجمالية 37,222 درهم إماراتي (10,134 دولاراً) فقط.
وفقاً للتقارير الحالية، من المتوقع أن تصل حصة الطباعة ثلاثية الابعاد في الاسواق العالمية الى 120 مليار دولار امريكي بحلول عام 2020، وحوالي 300 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. من المتوقع أن تلعب المنازل المطبوعة بالتقنية ثلاثية الابعاد دوراً رئيسياً في أسواق العقارات في البلدان المزدهرة، مثل أمريكا الشمالية وروسيا وهولندا واليابان، وبكل تأكيد الإمارات العربية المتحدة، في العقود القليلة القادمة.
تتميز المنازل ثلاثية الأبعاد في قدرتها على تقليل المشاكل الاقتصادية الكبيرة في جميع أنحاء العالم، وتخفيف آثار التغير المناخي.
نحن بحاجة إلى تكنولوجيا طباعة المنازل ثلاثية الابعاد الثورية لدعم بيئتنا ومساعدة الأشخاص الذين يبحثون عن هذه الابتكارات. تكمن الإيجابيات الحقيقية للطباعة ثلاثية الأبعاد بالاستدامة والكفاءة العالية والقدرة على تقليل التكاليف.
على حد تعبير الشاب كريس كيلسي: “هناك نقلة نوعية كبيرة على وشك أن تحدث مع هذه التكنولوجيا.”
بهذا نكون قد تعرفنا على طباعة المنازل ثلاثية الابعاد بكافة تفاصيلها، كما ويمكنكم تصفح الكثير من المواضيع العقارية والاجتماعية والحياتية من خلال المدونة العقارية الأولى والوحيدة باللغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة.