معالم حي الفهيدي التاريخي… رحلة ثريّة في قلب دبي القديمة
ما إن تطأ قدماك حي الفهيدي التاريخي القابع في بر دبي ستشعر وكأنك تعيش في رحلة عبر الزمن، تعيدك إلى منتصف القرن التاسع عشر وحتى سبعينيات القرن العشرين، وتنقلك من التطوّر العمراني الذي تعيشه الإمارة اليوم إلى قلب دبي القديمة، فهو الأصل الذي انبثقت منه الحكاية، لا سيّما أنّه ما زال يحتفي برموز الماضي ومقدّرات التراث. في إطار ما سبق، كثّفت بلدية دبي جهودها في حفظ الإرث المجتمعي والاعتناء به؛ ليكون شاهدًا على التاريخ الضارب في القِدَم والحقب التي شهدتها الإمارة. ارتأينا أن نخصص هذا المقال للحديث عن معالم حي الفهيدي التاريخي، التي تعد نقطة استقطاب للسيّاح من الداخل والخارج، فتابع معنا حتى النهاية لتتعرّف عليها.
نبذة عن حي الفهيدي التاريخي
يعد حي الفهيدي التاريخي، أو كما كان يُعرف سابقًا بالبستكية، من أشهر المعالم التاريخية والمواقع التراثية في دولة الإمارات العربية المتحدة وأهم الوجهات السياحية في إمارة دبي؛ إذ يعود تاريخ بنائه إلى فترة التسعينيات من القرن التاسع عشر، وتبلغ مساحته قرابة 38000 متر مربع.
يتميز الحي بوقوعه وسط ناطحات السحاب والمباني شاهقة الارتفاع في الإمارة، ما يمنحه رونقًا خاصًا، لا سيّما أنه ما زال محافظًا على هويته المنتمية إلى عام 1971، أي فترة ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
ينبض الحي بالعديد من المباني التراثية، التي تضم أبراجًا هوائية كانت تستخدم لأغراض التهوية في فصل الصيف، ويُطلق عليها بالبراجيل، ومشيّدة باستخدام مواد تقليدية؛ كالجذوع وسعف النخيل وخشب الساج والجص والحجر المرجاني.
يستضيف الحي على مدار العام فعاليات وأنشطة ومعارض فنية؛ كأسبوع التراث وبرنامج الفنان المقيم ومعرض سكة الفني، كما يضم جُملة من المطاعم والمقاهي التقليدية، التي تتيح للزوّار فرصة عيش الأجواء التراثية على أصولها؛ مثل مطعم بيت الشاي العربي وكافيه ميك آرت ومعرض وكافيه إكس في أيه وغيرها الكثير.
المعالم الأثرية في حي الفهيدي التاريخي
لعب حي الفهيدي قديمًا دورًا مهمًا في إدارة علاقات الإمارة التجارية العالمية بحكم موقعه الاستراتيجي على خور دبي، أمّا في يومنا هذا تُستغل مبانيه في احتضان الأنشطة الثقافية والفنية، ويعد وجهة سياحية تحتضن مواهب الشباب، وتستقطب الشركات الناشئة في القطاع الثقافي. ندعوك إلى التعرّف على نمط الحياة التقليدية الذي كان سائدًا في إمارة دبي منذ منتصف القرن التاسع عشر من خلال زيارة معالم حيّ الفهيدي التاريخي الواردة أدناه:
متحف دبي
يعود تاريخ متحف دبي “حصن الفهيدي” إلى عام 1787، إذ كان آنذاك مقرًا لحاكم الإمارة ومركزًا للدفاع عنها، ليصبح بعدها مركزًا للذخائر والأسلحة، وسجن للخارجين عن القانون. رُمِّم الحصن عام 1971، ليكون أحد متاحف دبي التي تسرد تاريخ الإمارة وتراثها الأصيل، ومصدرًا غنيًا بالمعلومات التاريخية القديمة عن المنطقة والحياة اليومية لسكانها قديمًا. يضم المتحف العديد من القطع الأثرية والأسلحة القديمة، كما يسلّط الضوء على فترة تجارة اللؤلؤ في الإمارة. تجدر الإشارة إلى أنّ المتحف مغلق مؤقتًا أمام الزوّار، لكن يمكنك التقاط الكثير من الصور لتصميمه الخارجي العتيق.
سوق الغزل والنسيج
يعد سوق الغزل والنسيج واحدًا من أقدم أسواق المنطقة، التي تتخصّص في بيع الأقمشة والنسيج والملابس الملونة وجميع مستلزمات الملابس العربية، فضلًا عن الأزرار والترتر والأحجار والدانتيل وغيرها من الإكسسوارات التي تُضفي لمسة عربية مميزة على كافة الإطلالات. يشتهر السوق بالأقمشة المميزة والأسعار المنافسة.
متحف المسكوكات
نصل للحديث عن متحف المسكوكات، أو كما يُعرف أيضًا بمتحف العملات، الذي افتتح أبوابه أمام الزوّار عام 2004، ليمكنهم من التعرّف على أكثر من 470 عملة نادرة تعود إلى عصور تاريخية مختلفة، علاوةً على جمع المعلومات حول العملات النقدية التي كانت متداولة في دبي والمناطق المجاورة آنذاك، وكيفية ارتباط نظام النقد بالإمبراطورية البريطانية والهند ودول المنطقة قبل الاستقلال وتكوين دولة الاتحاد.
متحف القهوة
يقصُّ متحف القهوة على الزوّار تاريخ القهوة وكيفية اكتشافها وأشهر طرق تحضيرها حول العالم، بما فيها الطريقة العربية التقليدية والطريقة الأثيوبية والطريقة اليابانية، كما يعرض الأدوات التي اسُتخدمت في صناعتها وبعض الوثائق التاريخية حولها. يتميز المتحف بتصاميم فريدة من نوعها مستوحاة من الحضارة العربية البدوية، كما يمنحك الفرصة لتجربة بعض عينات القهوة في قسم التحميص الواقع في المتحف.
مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري
تأسس مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري عام 1998، بقرارٍ صادر ٍمن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -حفظه الله-، ليكون بمثابة منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز الوعي بالثقافة الإماراتية والعادات والتقاليد والدين بين المغتربين والزوّار الأجانب في الإمارات، كما تهدف إلى إزالة الحواجز الثقافية فيما بينهم من خلال البرامج والأنشطة التعليمية التي تعقدها بشكلٍ دوريّ.
مؤسسة تشكيل
لا شك في أنّ مؤسسة تشكيل من المواقع التي تستحق الزيارة عند أخذ جولة في حي الفهيدي التاريخي، إذ أُسست على يد لطيفة بنت مكتوم عام 2008، بهدف دمج الفن والتصميم الإماراتي في النسيج المجتمعي والاقتصادي، فضلًا عن تمكين قطاع الصناعات الإبداعية والثقافية المتنامي في الدولة من خلال العمل على النهوض بالفن المعاصر والتصميم.
تقدم المؤسسة جُملة من المبادرات الحاضنة للفنون وممارسيها؛ كتنوين وبرنامج الممارسة النقدية وبرنامج الفنان المقيم، علاوةً على المعارض التي تسلّط الضوء على الابتكار والتميز وزيادة أعداد جمهور الفن والتصميم في دولة الإمارات العربية المتحدة.
بهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا، واصطحبناك في جولةٍ أثريّة إلى معالم حي الفهيدي التاريخي، حيث المباني الأثريّة والنقوش التاريخية التي تعكس التراث الإماراتي العريق. إن كنت تتطلّع إلى زيارة حي الفهيدي في دبي، فلا تتردد بتناول ما لذّ وطاب من الأطباق الإماراتية التقليدية في مطاعم حي الفهيدي التاريخي، التي تنبثق منها روائح المأكولات التقليدية والعالمية البسيطة والشهيّة، كما ندعوك للاطلاع على سوق الفهيدي التاريخي في دبي، الذي يعد من أشهر الأسواق الشعبية المميّزة المفضلة لدى السكان والسيّاح على حدٍ سواء.
تفضل بتصفح مدونة ماي بيوت وألقِ نظرة على جُملة من الموضوعات الترفيهية والعقارية والاجتماعية التي تُطرح يوميًا على صفحاتها، لذا لا تتردد بمتابعتها أولًا بأول، وفي حال راودتك أي استفسارات أو أسئلة، فلا تتردد بتركها في حيّز التعليقات أسفل الصفحة، ولا تنسَ الاشتراك في نشرة ماي بيوت والاستمتاع بكلٍ جديد نطرحه.