أحدث تقنيات المباني الخضراء التي تُؤسس لمستقبل مستدام
يُعد قطاع العقارات من بين أكبر القطاعات الاقتصادية على مستوى العالم التي تدفع عجلة النمو وتخلق الآلاف من فرص العمل، وعلى مدار عقود، شهدت صناعة البناء تطوراً كبيراً من حيث المواد المستخدمة وابتكار تصاميم خلّاقة تتناسب مع متطلبات العصر، بحيث تجمع ما بين الجمال العُمراني وتحقيق الاستدامة، وهو ما أوجد مفهوم المباني الخضراء. نسلط الضوء في هذا المقال على أحدث تطورات في تكنولوجيا البناء الخضراء وأهميتها والأهداف التي وُجدت من أجلها، كما سنُعرّج على دور الإمارات الريادي في تبني تقنيات المباني الخضراء وأبرز المشاريع والمبادرات التي وضعتها حيّز التنفيذ.
ماهي تكنولوجيا البناء الأخضر؟
هل سبق وسمعت بمصطلح البناء الأخضر؟ قد يتبادر لذهنك أن المقصود هو زراعة جزء من المبنى بأحد أنواع النباتات، وهو للأسف اعتقاد خاطئ! دعنا نُخبرك بدايةً بأن عالمنا يُواجه تحديات حقيقية قد تُهدد كثير من أوجه الحياة، ويرجع ذلك بشقّه الأكبر إلى عمليات التصنيع الضخمة التي تطلق مليارات الأطنان من المواد السامة إلى الغلاف الجوي، إضافة إلى التوسع الجائر على حساب الغابات والمناطق الزراعية، ذلك أوجد حاجة إلى إيجاد حلول فعّالة لتحقيق الاستدامة وحماية النظام البيئي، ومن هنا جاء مفهوم المباني الخضراء أو المستدامة.
تنطوي تكنولوجيا البناء الأخضر على استخدام مواد صديقة للبيئة، وتصميم المباني بأسلوب يُحسّن جودة الهواء الداخلي وتقليل النفايات الصلبة، إضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة من خلال عزل المبنى حرارياً والاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة، فضلاً عن ترشيد استهلاك المياه، وصولاً إلى مرحلة تشغيل المبنى وإدارة مرافقه، ناهيك عن التخطيط الحضري المسبق وجعل المناطق السكنية مترابطة وقريبة من محطات النقل العام بما يُقلل الحاجة إلى التنقل بواسطة السيارات الشخصية، كل ذلك يخدم أهداف التكنولوجيا الخضراء المتمثلة بشكل أساسي بالاستفادة القصوى من المواد المستخدمة في البناء، مع الحفاظ على صحة الإنسان وحماية النظام البيئي ورفع الإنتاجية الاقتصادية.
تطورات في تكنولوجيا البناء الخضراء
شهد العالم تطورات في تكنولوجيا البناء الخضراء على مدى العقود الماضية، بدءاً من ابتكار أنظمة طاقة موفرة، مروراً بتأسيس الهيئات وتبني الحكومات والشركات لهذا المفهوم، ناهيك عن ابتكار عدد كبير من التقنيات التي أصبحت من المتطلبات الأساسية من قِبَلِ المستثمرين ومشتري العقارات بمختلف أنواعها. تتمثل أبرز تقنيات المباني الخضراء بما يلي:
استخدام الطاقة المتجددة في البناء
نبدأ حديثنا عن أحدث تطورات في تكنولوجيا البناء الخضراء باستخدام الطاقة المتجددة بشكل كبير، إذ كان تركيب ألواح شمسية خياراً يُفضله عدد قليل من الأشخاص نظراً للمعيقات الفنية والتكلفة الباهظة التي يتحملها العميل، بينما أصبح الاعتماد على هذه الألواح وغيرها من مصادر الطاقة البديلة أساسياً بفعل تعدد شركات تركيب ألواح الطاقة الشمسية في الإمارات وغيرها من الدول، ناهيك عن الأسعار المعقولة بالنسبة للفئات كافة.
برامج إدارة عملية البناء السحابية
تُساعد برامج إدارة عملية البناء السحابية المقاولين على إدارة عمليات البناء بكفاءة أعلى وجهد أقل، حيث تلعب هذه البرامج دوراً مهماً في التخطيط الدقيق ومراقبة سير عمل المشروع من جميع الجوانب، مما يُساهم في تقليل هدر الموارد ومراقبة أعمال الإنشاء بشكل لحظي واستخدام المواد بفاعلية، وهو ما يُعزّز من استدامة المبنى ويُساعد في تخفيض انبعاثات الكربون.
بناء المنازل بالطباعة ثلاثية الأبعاد
بدأ الاعتماد على تقنية طباعة المنازل ثلاثية الأبعاد في إنشاء المباني الصغيرة وأحياناً أجزاء إنشائية لعدد من المشاريع المتوسطة والكبيرة مثل الجسور وناطحات السحاب، وتُعد دول مثل الصين والإمارات، رائدة في هذا المجال الذي يتنامى بشكل ملحوظ. تمتاز هذه التقنية بإمكانية بناء منزل خلال وقت قصير وبتكلفة أقل بنحو 30 – 50% من عمليات البناء التقليدي، كما أنها لا تعتمد الكثير من العمال، والأهم هو استخدام كميات محدودة من المواد الخام، الأمر الذي يخدم هدف الاستدامة بشكل كبير.
نظام التهوية والإنارة الذكي
إحدى أكبر التحولات في أنظمة البناء تتمثل بنظام التهوية والإنارة الذكي، فبمجرد دخول المنزل يتم تفعيل الإنارة أوتوماتيكياً، في حين تأخذ وضع الإغلاق بمجرد الخروج من الشقة، كما أن نظام التهوية يبدأ بتسخين الهواء أو تبريده بما يتلاءم مع درجة حرارة الجو الخارجي، هذه العملية التي قد تبدو بسيطة، تُساهم في إدارة الطاقة بكفاءة أعلى وتُخفّض معدل الاستهلاك. بدأ هذا النظام ينتشر بشكل كبير في المناطق السكنية والمنشآت الخدمية والتجارية مثل الفنادق، كما أصبح بالإمكان دمج النظام بعدد من تطبيقات الهواتف الذكية.
عمليات محاكاة المبنى باستخدام الذكاء الاصطناعي
لعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في عدد كبير من مناحي الحياة، وقطاع الإنشاءات ليس استثناءاً؛ إذ أصبح هنالك عمليات افتراضية تُحاكي إنشاء المبنى على الواقع، حيث يتم رفع مُخطط الأرض الطبوغرافي وتصميم المبنى الإنشائي، كما يتم تزويد البرمجيات بمعلومات عن طبيعة التربة وارتفاع الموقع عن سطح البحر ودرجة ميلان أو انحدار الأرض، وغيرها من العوامل التي يأخذها الذكاء الاصطناعي ويُعطي بناءً عليها مجموعة اقتراحات تتعلق بمواد العزل المستخدمة أو تصميم الجدران والأعمدة والأسقف!
ما اسهامات الامارات في تكنولوجيا البناء الأخضر؟
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة وبشكل خاص إمارة دبي، رائدةً في مجال الاستدامة، حيث أطلقت مجموعة مبادرات تهدف إلى التحول الكامل نحو الطاقة النظيفة بما في ذلك استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تستهدف توفير 75% من طاقة دبي بحلول 2050، كما سيتم ضخ استثمارات مليارية في البنية التحتية، ناهيك عن إقرار القوانين والتشريعات التي تحد من الانبعاثات الكربونية خاصة في قطاع العقارات.
إلى جانب ذلك، تم إنشاء مجموعة من المدن المستدامة في دبي التي تعتمد على تطبيق تقنيات المباني الخضراء والحفاظ على الموارد الطبيعية وتجنب استنزاف المياه والطاقة، مع استحداث طرق بديلة تُخفف من وطأة التحديات البيئية وتساعد في تكوين بيئة مستدامة مثالية، كما انتشرت هذه المدن في أبوظبي والشارقة. علاوة على ذلك، تم وضع قائمة مُفصّلة بشأن المباني الخضراء في دبي ومعايير لتقييم استدامة المبنى، وهو ما خلق تنافسية عالية وعزّز فرص نمو القطاع في الإمارة.
قدمنا لك في ماي بيوت اهم واحدث تطورات في تكنولوجيا البناء الخضراء التي بدأ الاعتماد عليها بشكل ملحوظ، أملاً في الوصول إلى مباني تًلبّي متطلبات الاستدامة وتخلق واقعاً جديداً يسير بعالمنا نحو برّ الأمان. يُمكنك الاطلاع على أبرز مبادرات ومشاريع الاستدامة في الإمارات، كما ندعوك لتصفح مدونتنا والتعرف على مجموعة من المقالات التي تتناول مواضيع متنوعة مثل التطورات في تكنولوجيا العقارات.
في حال كان لديك أي استفسار، فيُمكنك تركه في خانة التعليقات أسفل الصفحة وسنكون سعداء بالرد عليك، ولا تنسَ أيضاً الاشتراك في نشرة ماي بيوت الأسبوعية ليصلك كل ما هو جديد.