أهم مبادرات ومشاريع الإمارات لتطبيق الاستدامة في شتى المجالات
“اليوم للغد” شعارٌ يكلل محيط الإمارات في عام 2024، فمرحباً بكم في عام الاستدامة في الامارات الذي كُرس لتجسيد جهودها الجّبارة في إنشاء دولة مُزهرة بالأمل وقوة العطاء الطبيعي، من أجل حياة خالية من البصمة الكربونية والتحرك نحو بيئة سليمة تفوح فيها رائحة الاستدامة، إذ باشرت فوراً بسنّ القوانين وإرساء البنية التحتية ليعلو اسمها عالمياً بتوطين مفهوم الاستدامة على أراضيها، وكانت إمارتيّ دبي وأبوظبي السّباقتين في ذلك، أما عن النهج الذي أقدمت عليه في مجال الاستدامة في الإمارات، فنسلط الضوء عليه في هذا المقال متطرقين إلى كافة المجالات التي ساهمت في تتويجها لقب جوهرة الاستدامة.
نبذة عن الاستدامة في الإمارات
من الناحية العقارية، ينطبق مفهوم الاستدامة في المقام الأول على مراحل البناء والتنفيذ، حيث تُعرف التطورات المستدامة بأنها تلك التي “تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها” أو بشكل أكثر تحديدًا، “التنمية الاقتصادية التي تتم دون استنزاف الموارد الطبيعية”.
يمكن تفسير هذا المفهوم بطرق مختلفة، ولكن المبدأ الموجه في جوهره هو الموازنة بين الاحتياجات المختلفة والتنافسية في كثير من الأحيان مع مراعاة القيود البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها العالم، كما أن الموارد الطبيعية محدودة، وأثناء تطوير مشاريع جديدة غالباً ما يتم التغاضي عن هذه الحقيقة. قد يكون الدافع الرئيسي للتطور هو الحاجة القوية إلى التفكير في التأثير الأوسع أو بعيد المدى على البيئة، إذ تهدف مبادرات الاستدامة في الإمارات إلى معالجة هذه القضية العالمية وجعل مدنها من أكثر المدن استدامة في العالم.
مبادرات الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة
تتعدد الاستراتيجيات الفيدرالية والمحلية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة التي تضع أهدافاً واضحة لمستقبل الدولة من أجل صياغة مستقبلها لتكون أكثر استدامة، وتشمل مبادرات الاستدامة في دولة الامارات العربية المتحدة رؤية الإمارات 2024، ومركب الإمارات العربية المتحدة 2071، واستراتيجية الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة 2050، التي تحدد 50 هدفاً للطاقة النظيفة في البلاد من بين أمور أخرى، فضلاً عن أهداف التنمية المستدامة في الإمارات التي تعمل كمبدأ إرشادي لمعظم المشاريع القادمة.
علاوةً على ما سبق، بذلت الدولة الكثير من الجهود لخلق بيئة مستدامة لضمان نجاح التطور للوصول نحو مدينة مستدامة بشكل كامل، ونذكر من أبرزها إنشاء 46 محطة لمراقبة جودة الهواء، إنشاء 33 محطة تحلية لتوفير احتياجات الماء وأيضاً القضاء نهائياً على استهلاك مركبات الكلوروفلوركربونات بحلول العام 2040، إضافةً إلى برنامج استدامة في عقارات أبوظبي وغيرها الكثير.
على صعيد آخر، هناك نظامان رئيسيان في أبوظبي ودبي يعملان على توحيد مشاريع البناء لتعزيز الاستدامة في الإمارات، وخاصة في قطاع العقارات، ونوضحهما فيما يلي:
أبوظبي: قانون الاستدامة ونظام اللؤلؤ
استُحدثت شركة “استدامة” في أبوظبي في العام 2009 وأصبحت واحدة من أولى أُطر الاستدامة العضوية في الشرق الأوسط، إذ نفذت نظام تقييم “اللؤلؤ” لجميع التطورات الجديدة لضمان أن يتم تأسيس المشروع بطريقة مستدامة. تخضع التطورات الجديدة في أبوظبي لعملية مراجعة التنمية بحيث يجب على مقدم الطلب تقديم رؤية “استدامة” للمشروع بمجرد منح إذن التخطيط، كما يجب أن يتوافق التطوير مع معايير نظام تصنيف اللؤلؤ، والتي تتمثل بترشيد استهلاك المياه والكهرباء وحتى خفض كميات النفايات، وأيضاً تختلف باختلاف نوع العقار؛ مبنى أو فيلا أو مجمع سكني بأكمله.
تتطلب حكومة أبوظبي أن يكون لكل المباني الحكومية حد أدنى من تصنيف اللؤلؤ اثنين، في حين أن المباني الجديدة يجب أن تستوفي الحد الأدنى من تصنيف اللؤلؤ الواحد.
دبي: قانون المباني الخضراء أو السعفات
تعتبر “السعفات” في دبي أحدث مبادرة تقود التطوير المستدام في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبحت “مواصفات المباني الخضراء” لبلدية دبي أولاً إلزامية للمباني الحكومية الجديدة في عام 2010، كما أصبحت هذه المعايير إلزامية لمطوري جميع المباني الجديدة. تركز هذه اللوائح في المقام الأول على التأكد من الطريقة التي يتم بها تشييد المباني، وآلية عملها بعد أن يتم بناؤها، واتباع هذه المعايير ينبع من اعتبارات الاستدامة مثل استخدام المواد الشمسية العاكسة وإدراج عناصر “خضراء” مثل الأنواع الأصلية من النباتات أو الجدران “الخضراء” كعناصر معمارية صديقة للبيئة، ما ينعكس على تحسين الأداء وترشيد استهلاك الطاقة، وأيضاً زيادة كفاءة الأنظمة الكهربائية والميكانيكية وبالتالي تقليل انبعاثات الكربون.
وفيما يلي نذكر أبرز مبادرات الاستدامة الجديدة في الإمارات:
- الزراعة باستخدام التكنولوجيا المتقدمة
- استخدام نفايات البناء والهدم المعاد تدويرها في مشاريع الطرق والبنية التحتية
- تحويل نفايات الزيوت إلى وقود الديزل الحيوي
- رفع مستوى المصادر المحلية للمنتجات
- التقاط الكربون وتخزينه بشكل دائم
مشاريع مستدامة في الإمارات
إليك أشهر جهود الامارات لتحقيق الاستدامة:
مدينة مصدر – أبوظبي
تعد مدينة مصدر، التي بدأت عام 2006، واحدة من أبرز المشاريع العمرانية المستدامة في الشرق الأوسط، إذ تعد من الشركات الرائدة في ممارسات الاستدامة، حيث تستخدم التكنولوجيا والطاقة الشمسية للمساعدة في تقليل استهلاك الطاقة والمياه للحفاظ على البيئة، كما يشمل التطوير مساحات تعليمية وترفيهية وسكنية وتجزئة وتصنيع ومساحات مكتبية تعمل بالطاقة المتجددة، فضلاً عن طريقة إنشائها بواسطة الألمنيوم والفولاذ المعاد تدويره بنسبة 100%، وعلى سبيل ذلك، في المنازل يتم ضمان استهلاك المياه باستخدام الأجهزة عالية الكفاءة ووحدات الدفق المنخفض التدفق وتعرفة المياه وأيضاً عدادات المياه الذكية وحتى المياه العادمة المعالجة، والتي يتم إعادة تدويرها لاحقاً لري النباتات.
تضم مدينة مصدر مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، المنظمة الحكومية الدولية التي تدعم البلدان في انتقالها إلى مستقبل مستدام للطاقة، إلى جانب معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي يهدف إلى تعزيز الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
إذا أردت السكن في مدينة مصدر أبوظبي التي تعتبر واحدة من أكثر الأماكن الصديقة للبيئة في الإمارة، فيمكنك إلقاء نظرة على شقق للبيع في مدينة مصدر.
المدينة المستدامة – دبي
تماشياً مع خطة دبي التي تهدف لجعلها مدينة ذكية ومستدامة، فإن المدينة المستدامة دبي التي بلغت تكلفة تطويرها 1.1 مليار درهم والكائنة في دبي لاند هي أولى خطوات هذه الخطة في الإمارة. أنشئ هذا المشروع الصديق للبيئة في عام 2015 ويمتد على مساحة تزيد عن 5 ملايين قدم مربع، وهو يركز على الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، كما يغطي جميع الجوانب للحفاظ على الطاقة وتوفير نمط حياة صحي لسكانه.
إذا رغبت في السكن في المدينة المستدامة في دبي فيجدر عليك معرفة أن المنازل تضم العديد من الابتكارات المعمارية والتقنية لضمان الحفاظ على الطاقة، دون المساومة على الفخامة، بحيث تعتبر الألواح الشمسية على السطح، الهندسة المعمارية المستوحاة من الطبيعة، الكثير من المساحات الخضراء، المناطق الخالية من السيارات والأجهزة الموفرة للطاقة في الوحدات السكنية والتجارية أمثلة قليلة عن كيف عمل المدينة المستدامة لتكون أكثر ملاءمة للبيئة، وتتوفر أيضاً بيوت زجاجية طبيعية “بيولوجية” ومزارع عضوية وحدائق فردية لإنتاج الأغذية المحلية.
موقع إكسبو 2020 – دبي
يعد معرض إكسبو 2020 أحد أهم مشاريع الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فلدى إمارة دبي أهداف قابلة للقياس الكمي جعلت معرض إكسبو 2020 واحداً من أكثر مجالات الطاقة كفاءة في التاريخ من خلال مشاريع استقبال اكسبو 2020 خصيصاً لهذا المعرض، مع التركيز الشديد على الممارسات الصديقة للبيئة عند التخطيط للحدث الضخم هذا، وتشمل المبادرات تشغيل بعض الطاقة الكهربائية من خلال مصادر متجددة بالكامل، يتم توليدها جزئياً في الموقع، كما استخدام 30٪ من المواد المعاد تدويرها في عملية البناء، في حين أن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي ورصد بصمة الكربون في الموقع هي أيضاً نقاط محورية رئيسية للتطوير، فلا شك بحصوله على شهادة نظام إدارة الفعاليات المستدامة «أيزو 20121» لعام 2012، ناهيك عن ضمه أجنحة تُوثق مفهوم الاستدامة بامتياز، ألا وهي جناح البرازيل، جناح سنغافورة، جناح جمهورية التشيك، وأيضاً جناحي ألمانيا وهولندا.
حديقة محمد بن راشد للطاقة الشمسية
تعتبر حديقة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية التي تشرف عليها هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، أكبر حديقة شمسية في موقع واحد في العالم تعتمد على نموذج المنتج المستقل للطاقة، وهي واحدة من أكثر مشاريع الاستدامة طموحاً في دولة الإمارات العربية المتحدة. تهدف الحديقة إلى تطوير مشاريع بقيمة 50 مليار درهم من أجل زيادة الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، هذا وتستخدم المحطة أكثر من 152 ألف لوح كهروضوئي متصلة بـنحو 13 محول في مبانٍ عاكسة تحول الجهد إلى 33 كيلوفولت، وتنتج نحو 28 مليون كيلووات/ ساعة من الكهرباء سنوياً، كما تساهم في تخفيض أكثر من 15 ألف طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
مدينة الشارقة المستدامة
نستكمل مع مدن الشارقة المستدامة التي تم تصميمها وفق أعلى معايير الاستدامة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، إذ تعتمد اعتماداً كلياً على مصادر طاقة خالية من الانبعاثات الصفرية، علاوةً على معالجة مياه الصرف الصحي بالكامل لري المساحات الخضراء، وتعمل على إعادة تدوير أكبر كمية ممكنة من النفايات لتجنب إضافة المزيد منها في المكبات، ناهيك عن إنتاج خضروات خالية تماماً من المواد الكيميائية، ما شجع السكان على المشي واستخدام وسائل النقل النظيف، ومن جهة أخرى أصبحت جاهزة لاستقبال السيارات الكهربائية، من أجل مستقبل مُلهم وأكثر إشراقاً!
البناء الأخضر في عجمان
أطلقت دائرة البلدية والتخطيط في عجمان منذ مطلع يونيو عام 2018 اشتراطات البناء الأخضر على مبانيها لتكون ضمن مدن الاستدامة، ومن أجل المحافظة على البيئة، إلى جانب ذلك تحرص على توثيق علاقات نموذجية مع مدينة دبي المستدامة، حتى تكون التجربة في عجمان مُشرقة وتساهم بشكل هائل في بناء اقتصاد أخضر في أرجاء الإمارات كافة.
الفيلا النموذجية في رأس الخيمة
تأكيداً على أهمية الاستدامة في الإمارات، تعاونت بلدية رأس الخيمة مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، من أجل إطلاق مبادرة الفيلا النموذجية التي تهدف إلى تعزيز كفاءة الطاقة وبناء مساكن أكثر استدامة في الإمارة، ولا سيما توفير الطاقة بنسبة 30%، وتوفير المياه بنسبة 20%، وتوليد 20% من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2040.
ومع هذه التطورات والعديد من مبادرات الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تم تنفيذها، فإن الدولة سريعة النمو تتجه بخطى ثابتة نحو الاتجاه الصحيح لضمان ألا يأتي النمو بتكلفة على البيئة وأن دولة الإمارات العربية المتحدة مستمرة في تمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.
في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم بواجبها في الحفاظ على البيئة، يمكن للأفراد أيضاً فعل ذلك من خلال تحويل المنازل إلى الطاقة الشمسية أو اتخاذ خطوات لجعل المنزل صديق للبيئة.
نصل إلى نهاية مقالنا الذي تناولنا فيه قائمة مشاريع ومبادرات الاستدامة في الإمارات، وللمزيد من الخيارات الأخرى، ننصحك بالاطلاع على المدن المستدامة الخضراء في دبي التي تساعد في تكوين بيئة آمنة مستدامة، في حين يمكنك التعرف على مبادرة المدارس المستدامة في الإمارات التي تسعى إلى مشاركة الأجيال الجديدة في الشعور بالمسؤولية تجاه المستقبل، وألقِ نظرة على ملامح الاقتصاد الأخضر في الإمارات، كما يمكنك تصفّح العديد من المواضيع الترفيهية والاجتماعية الشيقة التي تطرحها مدونة ماي بيوت.
إن كان لديك أي استفسار، فيسعدنا أن نساعدك بأي شكل ممكن عن طريق ترك تعليق في حيز التعليقات أسفل الصفحة، كما يمكنك الاشتراك في نشرة ماي بيوت، ليصلك كلّ جديدٍ حول المواضيع التي تهمّك أسبوعياً.