البيوت في الإمارات قديماً
لطالما شكّلت بيوت الامارات قديما جزءًا أساسياً من الهوية الثقافية والتاريخية للدولة، حيث عكست أسلوب الحياة البسيط والتكيّف الذكي مع البيئة الصحراوية القاسية. من العرشان المصنوعة من سعف النخيل على السواحل، إلى البيوت الطينية في الواحات، ومن الأبراج الهوائية (البراجيل) التي وفرت التهوية الطبيعية، إلى القلاع والحصون التي كانت رمزاً للحماية والاستقرار، تحمل البيوت القديمة في الإمارات بين جدرانها قصص الأجداد وحكمة الأزمان. واليوم، رغم التطور العمراني الهائل، ما زال الطراز المعماري القديم مصدر إلهام للمباني الحديثة، حيث تمتزج الأصالة بالحداثة للحفاظ على الإرث العريق لدولة الإمارات. المزيد من التفاصيل حول البيوت في الامارات قديماً تجدها في مقالنا، تابع القراءة حتى النهاية.
أنواع بيوت الامارات قديما
قد يرغب بعضنا في معرفة وصف البيوت القديمة في الإمارات في العصور القديمة وأهم ما يميز كل منها، حيث تختلف أنواع البيوت وأشكالها المتعددة وأسماؤها ليناسب المرحلة الخاصة بها، وأدناه سنذكر هذه البيوت بالتفصيل.
الخيام “بيوت الشعر”

الخيام أو بيوت الشعر هي أول أشكال البيوت الاماراتية القديمة إطلاقاً، حيث كان يتم حياكة هذه البيوت من صوف الغنم وشعر الماعز، وذلك من خلال خلط الصوف والشعر معاً وغزله وبرمه بطريقة مُحكمة للغاية، بعد ذلك يطوى بشكل كروي، ويُنصَب من خلال استخدام الأوتاد والحبال ليأخذ شكل وهيئة الخيام المتعارف عليها.
تم بناء هذه الخيام في الزمن الماضي داخل الصحراء؛ بسبب مناسبتها للأجواء الطبيعية والتضاريس الخاصة بالصحراء، وأبرز ما تميزت به سهولة نقلها من منطقة لأخرى بأريحية.
تميز الإماراتيون القدماء ببناء بيوت الشعر بطريقة مبتكرة توفر الدفء شتاءً والحماية من حرارة الصيف. صُنعت هذه البيوت من شعر الماعز، الذي يتمدد عند تعرضه للمطر ليمنع تسرب المياه، بينما ينكمش صيفاً ليسمح بمرور الهواء. كما كانت هذه البيوت مقسمة وفق العادات، وتتنوع أحجامها؛ مثل: القطبة (الأصغر)، الفازة (ثلاث خانات)، والمروبع (خمس خانات). استخدمت أدوات تقليدية في البناء؛ مثل: المطرق لتنظيف الشعر، والتغزالة للمساعدة على الغزل، مما يعكس براعة البدو في التكيّف مع بيئتهم.
بيوت العريش
ارتبط الإنسان العربي بالنخلة، التي كانت مصدراً للغذاء والمواد الأساسية للبناء، ومنها شُيِّد بيت العريش، أحد أبرز أنماط البيوت قديما في الامارات دون شك. شكّل العريش 80% من المساكن قديماً، حيث كان يمثّل الملجأ من المناخ القاسي بفضل سعف النخيل، الذي يسمح بمرور الهواء المنعش.
لم يكن العريش مجرد مسكن، بل عزز الروابط الاجتماعية، إذ تعاون الأهالي في بنائه، وشهدت ظلاله تجمعات للحكايات وتناول القهوة، كما مارست النساء الحرف اليدوية التقليدية في الإمارات مثل: السدو، تطريز التلي، وسف الخوص.
رغم التطور العمراني، لا يزال العريش حاضراً في البيوت الحديثة للاستمتاع بأجوائه، كما يُستخدم في المناسبات التراثية والمشاريع السياحية، مما يعكس الاعتزاز بهذا الإرث الأصيل والسعي للحفاظ عليه.
أما عملية البناء، فكانت تتم على مراحل مدروسة، حيث يُحفَر خندق صغير حسب المساحة المطلوبة، وبالتالي يُرصّ الجريد بشكل طولي، ثم يُردم الخندق بالحجارة الصغيرة والطين الممزوج مع الماء. بعد ذلك، يُرص الجريد مجدداً، لكن بشكل عرضي على مسافات متساوية ومتباعدة نسبياً، وتُربط عن طريق الحبال لجعل البناء محكماً جيداً، وتثبت كافة أركانه بأنصاف من جذوع النخيل.
نصل الآن للحديث عن السقف الذي يُغَطَّى بالدعن، وإذا كنت تتساءل ما هو الدعن، فإنه عبارة عن جريد مرصوص ومُحكم بحبال شكّلت منه قطعة واحدة متماسكة يُثَبَّت بأركان العريش، ويوضع سعف النخيل بشكل متداخل فيه، حتى يحجب أشعة الشمس.
من الجدير ذكره أنه خلال فصل الشتاء تغطى بيوت العريش بقماش يُطلق عليه اسم “الطربال”، وهو مصنوع من القطن والنايلون ليمنع دخول الأمطار إلى أثاث البيت.
بيوت الطين

الشكل الثالث من أشكال بيوت الامارات قديما هو بيوت الطين، التي تُشَيَّد من خلال مزج الماء مع التراب أو الطين والتبن والطوب الخفيف، وهي من الطرق المعمارية التي تتشابه بشكل كبير من حيث فكرة البناء وتوزيع الغرف مع بيوت الحجر، إلاّ أن الفرق في أبنية الحجر أنها أكثر صلابة تمتد إلى عشرات السنين، حيث كانت بيوت الحجر موجودة قديماً في مساكن الحكام والحصون المنيعة، وانتشرت بشكل أوسع بعد ذلك بفعل التجارة البحرية والاحتكاك مع بلدان العالم الأخرى، فضلاً عن تبادل الثقافات والخبرات.
احتلت العمارة الطينية في دولة الإمارات مكانة خاصة، والسبب في ذلك أن أغلبية القلاع والحصون في الإمارات مبنية من الطين بالأساس . امتاز البيت الطيني قديماً بالرحابة والهدوء، كما كان يوفر لسكانه مزيجاً من الراحة والطمأنينة المطلقة.
المواد المستخدمة في بيوت الطين
كانت بيوت الطين تُشيّد من الطابوق الطيني الذي يُخلَط مع الحشائش الميتة واليابسة (التبن)، أو يُحرق حتى يكون يابساً وقوياً، ويُضاف إليه الحجارة التي تُحضَر من البحر. أما تفاصيل البيوت الداخلية، فإنها تتكون من حُجرة، وفيها غرفة للنوم أو غرفة لتخزين المواد، ومقابلها ليوان ومظلة ومساحة خارجية وأكثر من حُجرة،. كانت الغرف عادةً تقع على جوانب المساحة الخارجية للمنزل، وقد استمر بناء هذه البيوت الطينية ما يقارب 40 سنة.
المواد المستخدمة في بناء أسقف المنازل
أما الأسقف، كانت عبارة عن خشب من جذع النخيل أو السدر، يوضع فوقه جريد النخيل مع إضافة طبقة أخرى من الطين الممزوج بالتبن، حتى تتم عملية التسقيف.
تصميم أبواب منازل الطين
حرص المشرفون على البناء إلى إضافة المزاليج للأبواب مع استخدام خشب يطلق عليه خشب (الأثل)، لتُوضَع فوق قطع الخشب بشكل طولي بجوار بعضها البعض، وتثبيتها بقطع من الخشب.
عند بناء بيوت الطين في الإمارات هناك العديد من الأمور التي تُؤخَذ بعين الاعتبار، وأبرزها:
- مراعاة درجة الحرارة وشدة البرودة والأمطار
- ترك الطين المخلوط بالتبن في الشمس، حتى يجف تماماً
- بعد بناء الجدران الخارجية يجب وضع الطين المخلوط بالتبن مرة أخرى فوقها، خصوصاً في المناطق المعرضة للمطر والمياه
- رسم أشكال هندسية على واجهة المنزل خاصة الشرفات؛ مثل: المثلثات والمربعات باللون الأبيض
البراجيل
الأخير في قائمة البيوت في الامارات قديما من نصيب البراجيل، وهو من المعالم المعمارية المميزة والفريدة في الدولة. أما معنى كلمة برجيل، فإنها تعني لاقط الهواء أو مُسرّب الريح، حيث يكون البرجيل عبارة عن برج طويل ذي شكل مستطيل يقع في أعلى أسطح المباني، ويشتمل على أطراف وجوانب متماسكة، ويتكون عادةً من 4 أعمدة.
يُعدّ البرجيل من التصاميم الأساسية في المنازل، حيث برزت أهميته من خلال توفير قناة تهوية واحدة على الأقل، كما يزداد عدده حسب مساحة المنزل وعدد الغرف وقدرة صاحب المنزل المادية لبنائه. تكمن وظيفة البرجيل بأنه يساعد على عملية تبريد الهواء، وذلك من خلال مرور الهواء عبر نوافذه، فيتصاعد الهواء الساخن للأعلى، وينخفض الهواء البارد لأسفل المنزل، وهذا يساعد على تخفيض درجات الحرارة والرطوبة وتبريد الغرف.
من الأمور الواجب معرفتها أيضاً عن هذا التصميم المعماري القديم والمبهر بأن هذه البراجيل تُبنى على ارتفاع معين من سطح المبنى، حيث تكون سرعة الرياح عند هذا الارتفاع أكبر بضعف ونصف من سطح الأرض.
معظم براجيل دولة الإمارات أُقيمت في عام 1930 ميلادياً، وتختلف أشكالها ونقوشها الزخرفية فيما بينها، إلاّ أن آلية عملها واحدة، كما يمكن أن تتعرّف على الشكل المعماري للبراجيل التي ما زالت موجودة إلى يومنا هذا، تحديداً في حي الفهيدي في إمارة دبي وسوق المجرة في إمارة الشارقة.
وأخيراً، أهم ما يميز بيوت قديمة في الامارات الخصوصية، وتوفر عامليّ الأمان والتهوية الممتازة، فمعظم التصاميم الخاصة بالأعمدة والأبواب والنوافذ والبراجيل اتخذت التصاميم الإسلامية والهندسية المعمارية المميزة.
الأهمية الثقافية والاجتماعية للمنازل التقليدية في الإمارات

لم تكن البيوت القديمة في الإمارات مجرد أماكن للسكن، بل كانت تمثل نمط حياة يعكس التقاليد والقيم المجتمعية، فقد عززت هذه البيوت روح التعاون والتآزر بين الأفراد، حيث كان بناء المنازل يتم بتكاتف العائلات والجيران، مما رسّخ علاقات قوية داخل المجتمع. كما أن تصميم المنازل وفّر الخصوصية، وهو عنصر مهم في الثقافة الإماراتية، حيث كانت الفناءات الداخلية توفر مساحات معيشية للعائلة بعيداً عن أعين الغرباء.
علاوةً على ذلك، جسّدت البيوت القديمة الهوية التراثية للإمارات، حيث كانت تعكس أنماط الحياة التقليدية التي اعتمدت على الطبيعة والموارد المحلية. واليوم، أصبحت هذه البيوت جزءاً من التراث الوطني، وتُرَمَّم للحفاظ على أصالتها ولتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ البلاد.
انطلاقاً من أهمية الحفاظ على تراث وتاريخ دولة الإمارات، أصدر بريد الإمارات مجموعة من الطوابع، التي توثق أكثر أنواع البيوت القديمة في الإمارات انتشاراً في الدولة، وتضمنت هذه المجموعة أربعة طوابع من فئات نقدية متعددة؛ هي:
- يحمل الطابع الأول صورة بيت العريش، الذي يتكون من أغصان النخيل وخشب الجندل والحبال
- أما الطابع الثاني، فيحمل صورة بيت الطين المصنوع من الطين والتبن، والمسقوف بالطين والجندل
- يحمل الطابع الثالث صورة بيت الحصى الحجري الذي بني على شكل مستطيل، ويتكون من الحجارة والحصى والإسمنت
- يحمل الطابع الرابع صورة بيت الشعر المبني من شعر الماعز وصوف الغنم والحبال والأعمدة الخشبية
العلاقة بين المنازل التقليدية والحديثة
رغم التطور العمراني الهائل الذي شهدته الإمارات، إلا أن البيوت الحديثة ما زالت تستلهم بعض العناصر من العمارة التقليدية. فقد تم دمج عناصر مثل البراجيل (أبراج الرياح) في بعض المباني الحديثة لتعزيز التهوية الطبيعية، كما أن التصاميم الداخلية لا تزال تحتفظ بالساحات الواسعة التي توفر الخصوصية.
تسعى العمارة الحديثة إلى تحقيق الراحة والرفاهية باستخدام التكنولوجيا، ولكنها في بعض الأحيان تستفيد من الحلول التقليدية التي أثبتت فعاليتها في التعامل مع المناخ الصحراوي. في بعض المناطق، يُعاد إحياء أنماط البناء التقليدي بمواد حديثة، للحفاظ على التوازن بين الأصالة والتطور.
دور المنازل في التكيف مع الطقس والبيئة
نظراً لطبيعة المناخ الصحراوي الحار في الإمارات، صُمِّمَت البيوت الاماراتية القديمة بطرق مبتكرة للتكيف مع البيئة القاسية؛ كما توضح النقاط التالية:
- استخدام المواد الطبيعية؛ مثل: الطين، والحجر المرجاني، وسعف النخيل كانت مواد شائعة، حيث تمتاز بقدرتها على التكيف مع المناخ، فتوفر العزل الحراري، وتحافظ على درجة حرارة مناسبة داخل المنزل
- التهوية الطبيعية، حيث اعتمد السكان على البراجيل، التي تعمل على توجيه الهواء البارد داخل المنازل وطرد الهواء الساخن
- التصميم الداخلي، تضمنت المنازل فناءات داخلية ومساحات مظللة تقلل من تأثير حرارة الشمس، مع نوافذ صغيرة لمنع دخول أشعة الشمس المباشرة
الاختلافات بين المنازل في الإمارات
اعتمد تصميم بيوت الامارات قديما على طبيعة البيئة المحيطة، مما أدى إلى ظهور اختلافات واضحة بين المناطق:
- المناطق الساحلية: استخدمت الأحجار المرجانية والخشب في البناء، وكانت البيوت أكثر تهوية لمقاومة الرطوبة
- المناطق الصحراوية: تم بناء المنازل من الطين لضمان عزل حراري يحافظ على البرودة في الصيف والدفء في الشتاء
- المناطق الجبلية: استخدمت الحجارة في البناء، وكانت المنازل أكثر تحصيناً ضد الرياح القوية والبرد القارس في الشتاء
ربط المواد مع بناء المنازل

اعتمدت طرق البناء القديمة على مهارات الحرفيين المحليين، حيث اُستُخدِمَت مواد طبيعية متوفرة في البيئة المحيطة. تم ربط الطوب الطيني باستخدام خليط من الطين والماء والتبن، مما وفر متانة قوية للجدران. أما الحجر المرجاني، فكان يُجمع من البحر، ويُقطع بعناية ليُربَط بالجص التقليدي المصنوع من الحجر الجيري.
في البيوت المصنوعة من سعف النخيل، تم ربط الجدران بالسعف المنسوج مع استخدام الحبال القوية، مما جعلها مرنة وقادرة على مقاومة الرياح القوية. كذلك استخدمت الأعمدة الخشبية لدعم الأسقف وإعطاء المباني استقراراً هيكلياً.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
إليك بعض الأسئلة الشائعة عن البيوت القديمة في الإمارات ننصحك بالاطلاع عليها.
ما هي المواد التي كانت تُستخدم في بناء بيوت الإمارات القديمة؟
كانت البيوت الإماراتية القديمة تُبنى باستخدام مواد محلية؛ أبرزها: الطين والحجر المرجاني والسعف، بالإضافة إلى الأخشاب، التي كانت توفر عزلاً جيداً عن حرارة الشمس.
كيف كان تصميم بيوت الإمارات القديمة؟
كانت البيوت تُصمم ببساطة ومتانة، حيث تحتوي على فناء داخلي وأسطوانات للماء، وتتمتع بأسقف مرتفعة وتهوية جيدة للمساعدة على تبريد المكان، وكانت النوافذ صغيرة للحفاظ على الخصوصية وحماية من الحرارة.
ما هو دور المجالس في بيوت الإمارات القديمة؟
كان للمجالس دور كبير في الحياة الاجتماعية الإماراتية القديمة، حيث كانت تعد مكاناً للضيوف وللتجمعات العائلية، وتُصَمَّم لتكون فسيحة ومريحة، وغالباً ما كانت توجد في الجزء الأمامي من المنزل.
كيف كانت بيوت الإمارات القديمة تتكيف مع البيئة الصحراوية؟
كان تصميم بيوت الإمارات القديمة يعكس التكيف مع البيئة الصحراوية، حيث الأسطح مسطحة لتجميع مياه الأمطار، وتوجد فتحات للتهوية لتوفير الظل والبرودة. كما كانت البيوت تُبنى في أماكن قريبة من المياه؛ مثل: الوديان أو بالقرب من البحر.
بهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا، وقدمنا لك أنواع بيوت الامارات قديما وكافة التفاصيل المتعلقة بها، آملين أن نكون قد وفرنا عليك عناء البحث. تستطيع إلقاء نظرة على فن العمارة الحديث في دبي، إلى جانب التعرف على الملابس التقليدية في الإمارات.
لمزيد من المواضيع، تابع ماي بيوت المدونة العقارية الأولى باللغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة ليصلك كل ما هو جديد، ولا تتردد بالتواصل معنا على الدوام، سيكون من دواعي سرورنا الرّد على جميع تعليقاتك واستفساراتك حول بيوت الامارات قديما من خلال حيّز التعليقات أسفل الصفحة، ولا تنسَ الاشتراك في نشرة ماي بيوت والاطلاع على كل جديد نطرحه.