البيوت في الإمارات قديماً.. عمارة تاريخية عريقة
اختلفت البيوت في الامارات بين شكلها قديماً وحديثاً من حيث التطور المعماري والهندسي لها إلى حد بعيد على مرّ السنوات، والسبب في ذلك يعود إلى العديد من العوامل وأبرزها التطور الاقتصادي والعمراني وتطور فن العمارة الحديثة في دبي، فقد اعتمدت البيوت في الامارات قديماً على الأخشاب كعنصر هام من مكونات العمارة. يختلف شكل العمارة وفقاً للبيئة، فقد تم استخدام جذوع النخيل والليف والخوص لبناء الجدران والأسقف لهذه البيوت. سنتطرق في هذا المقال للحديث عن مراحل بناء البيوت القديمة في دولة الإمارات، وأهم وسائل التهوية التي كانت سائدة للتقليل من تأثير ارتفاع درجات الحرارة، خصوصاً خلال فصل الصيف. تابع لمعرفة المزيد عن تاريخ هذه الدولة العريق.
أنواع البيوت في الامارات
قد يرغب بعضنا في معرفة أشكال البيوت في دولة الإمارات العربية المتحدة في العصور القديمة وأهم ما يميز كل منها، حيث تتنوع أنواع البيوت وأشكالها المتعددة وأسماؤها ليناسب المرحلة التي يكون بها، وأدناه سنذكر هذه البيوت بالتفصيل.
الخيام “بيوت الشعر”
الخيام أو بيوت الشعر هي أول أشكال البيوت في دولة الإمارات العربية المتحدة في الزمن القديم، حيث كان يتم حياكة هذه البيوت من صوف الغنم وشعر الماعز، وذلك من خلال خلط الصوف والشعر معاً وغزله وبرمه بطريقة محكمة للغاية، بعد ذلك يطوى بشكل كروي، ويتم نصبه من خلال استخدام الأوتاد والحبال ليأخذ شكل وهيئة الخيام المتعارف عليها.
تم بناء هذه الخيام في الزمن الماضي داخل الصحراء؛ بسبب مناسبتها للأجواء الطبيعية والتضاريس الخاصة بالصحراء، وأبرز ما تميزت به سهولة نقلها من منطقة لأخرى بأريحية.
بيوت العريش
شكّلت بيوت العريش ما يقارب 80% من المساكن في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى وقت ليس بالبعيد، واعتمدت في بنائها على سعف النخيل على نحو رئيسي، متخذة أشكالاً منوعة ما بين المربع والمستطيل، ومتضمنة نوافذ وأبواب صغيرة الحجم.
اشتهر هذا النوع من المنازل في الزمن القديم بشكل كبير جداً بين أبناء المجتمع الإماراتي، وعلى الرغم من تنوع الأشكال والمساحات الخاصة به، إلاّ إنّ جميعها تتكون من أساسيات متشابهة في المواد والشكل المعماري النهائي. أما عملية البناء، فكانت تتم على مراحل مدروسة، حيث يتم حفر خندق صغير حسب المساحة المطلوبة، وبالتالي يرص الجريد بشكل طولي، ثم يُردم الخندق بالحجارة الصغيرة والطين الممزوج مع الماء. بعد ذلك، يُرص الجريد مجدداً، لكن بشكل عرضي على مسافات متساوية ومتباعدة نسبياً، وتُربط عن طريق الحبال لجعل البناء محكماً جيداً، وتثبّت كافة أركانه بأنصاف من جذوع النخيل.
نصل الآن للحديث عن السقف الذي يتم تغطيته بالدعن، وإذا كنت تتساءل ما هو الدعن، فإنه عبارة عن جريد مرصوص ومُحكم بحبال شكّلت منه قطعة واحدة متماسكة يتم تثبيته بأركان العريش، ويوضع سعف النخيل بشكل متداخل فيه، حتى يحجب أشعة الشمس.
من الجدير ذكره أنه خلال فصل الشتاء يتم تغطية بيوت العريش بقماش يطلق عليه اسم “الطربال”، وهو مصنوع من القطن والنايلون ليمنع دخول الأمطار إلى أثاث البيت.
بيوت الطين
الشكل الثالث من أشكال البيوت في الإمارات هو بيوت الطين، التي يتم تشيدها من خلال مزج الماء مع التراب أو الطين والتبن والطوب الخفيف، وهي من الطرق المعمارية التي تتشابه بشكل كبير من حيث فكرة البناء وتوزيع الغرف مع بيوت الحجر، إلاّ إنّ الفرق في أبنية الحجر أنها أكثر صلابة تمتد إلى عشرات السنين، حيث كانت بيوت الحجر موجودة قديماً في مساكن الحكام والحصون المنيعة، وانتشرت بشكل أوسع بعد ذلك بفعل التجارة البحرية والاحتكاك مع بلدان العالم الأخرى، فضلاً عن تبادل الثقافات والخبرات.
احتلت العمارة الطينية في دولة الإمارات مكانة خاصة، والسبب في ذلك أن أغلبية القلاع والحصون في الدولة هي في الأساس مبنية من الطين، فقد امتاز البيت الطيني قديماً بالرحابة والهدوء، كما كان يوفر لسكانه مزيجاً من الراحة والطمأنينة المطلقة.
أما المواد المستخدمة في بيوت الطين، فقد كانت تُشيّد من الطابوق الطيني الذي يتم خلطه مع الحشائش الميتة واليابسة (التبن)، أو يُحرق حتى يكون يابساً وقوياً، ويُضاف إليه الحجارة التي يتم إحضارها من البحر. أما تفاصيل البيوت الداخلية، فهي تتكون من حُجرة، وفيها غرفة للنوم أو غرفة لتخزين المواد، ومقابلها ليوان ومظلة ومساحة خارجية وأكثر من حجرة،. كانت الغرف عادةً تقع على جوانب المساحة الخارجية للمنزل، وهذه البيوت الطينية استمر بناؤها ما يقارب 40 سنة.
بالنسبة للمواد المستخدمة في بناء أسقف المنازل، فهي عبارة عن خشب من جذع النخيل أو السدر، ويوضع فوقه جريد النخيل مع إضافة طبقة أخرى من الطين الممزوج بالتبن، حتى تتم عملية التسقيف.
نصل الآن للحديث عن تصميم أبواب منازل الطين، حيث حرص المشرفون على البناء إلى إضافة المزاليج للأبواب مع استخدام خشب يطلق عليه خشب (الأثل)، ليتم وضعها فوق قطع الخشب بشكل طولي وبجوار بعضها البعض وتثبيتها بقطع من الخشب.
عند بناء منازل الطين هناك العديد من الأمور التي كان يتم أخذها بعين الاعتبار، وأبرزها:
- مراعاة درجة الحرارة وشدة البرودة والأمطار
- ترك الطين المخلوط بالتبن في الشمس، حتى يجف تماماً
- بعد بناء الجدران الخارجية يجب وضع الطين المخلوط بالتبن مرة أخرى فوقها، خصوصاً في المناطق المعرضة للمطر والمياه
- رسم أشكال هندسية على واجهة المنزل خاصة الشرفات؛ مثل: المثلثات والمربعات باللون الأبيض
البراجيل
الأخير في قائمة البيوت في الامارات قديماً كان من نصيب البراجيل، وهو من المعالم المعمارية المتميزة والفريدة في دولة الإمارات العربية المتحدة. أما معنى كلمة برجيل، فإنها تعني لاقط الهواء أو مُسرّب الريح، حيث يكون البرجيل عبارة عن برج طويل ذي شكل مستطيل يقع في أعلى أسطح المباني، ويشتمل على أطراف وجوانب متماسكة، ويتكون عادةً من 4 أعمدة.
يُعدّ البرجيل من التصاميم الأساسية في المنازل، حيث برزت أهميته من خلال توفير قناة تهوية واحدة على الأقل، كما يزداد عدده حسب مساحة المنزل وعدد الغرف وقدرة صاحب المنزل المادية لبنائه.
تكمن وظيفة البرجيل بأنه يساعد على عملية تبريد الهواء، وذلك من خلال مرور الهواء عبر نوافذ البرجيل، فيتصاعد الهواء الساخن للأعلى، وينخفض الهواء البارد لأسفل المنزل، وهذا يساعد على تخفيض درجات الحرارة والرطوبة وتبريد الغرف. من الأمور الواجب معرفتها أيضاً عن هذا التصميم المعماري القديم والمبهر بأن هذه البراجيل تُبنى على ارتفاع معين من سطح المبنى، حيث تكون سرعة الرياح عند هذا الارتفاع أكبر بضعف ونصف من سطح الأرض.
معظم براجيل دولة الإمارات العربية المتحدة أُقيمت في عام 1930 ميلادي، وتختلف أشكالها ونقوشها الزخرفية فيما بينها، إلاّ إنّ آلية عملها واحدة، كما يمكن أن تتعرّف على الشكل المعماري للبراجيل التي ما زالت موجودة إلى يومنا هذا، تحديداً في حي الفهيدي في إمارة دبي وسوق المجرة في إمارة الشارقة.
وأخيراً، أهم ما يميز البيوت قديماً هي الخصوصية وتوفر عاملي الأمان والتهوية الممتازة، فمعظم التصميمات الخاصة بالأعمدة والأبواب والنوافذ والبراجيل اتخذت التصاميم الإسلامية والهندسية المعمارية المميزة.
انطلاقاً من أهمية الحفاظ على تراث وتاريخ دولة الإمارات، أصدر بريد الإمارات مجموعة من الطوابع التي توثق أكثر أنواع البيوت القديمة في الإمارات انتشاراً في الدولة، وتضمنت هذه المجموعة أربعة طوابع من فئات نقدية متعددة؛ هي:
- يحمل الطابع الأول صورة بيت العريش، الذي يتكون من أغصان النخيل وخشب الجندل والحبال
- أما الطابع الثاني، فيحمل صورة بيت الطين المصنوع من الطين والتبن، والمسقوف بالطين والجندل
- يحمل الطابع الثالث صورة بيت الحصى الحجري الذي بني على شكل مستطيل، ويتكون من الحجارة والحصى والإسمنت
- يحمل الطابع الرابع صورة بيت الشعر المبني من شعر الماعز وصوف الغنم والحبال والأعمدة الخشبية
بهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا، وقدمنا لك قائمة البيوت في الامارات قديماً وكافة التفاصيل المتعلقة بها، كما يمكنك إلقاء نظرة على تاريخ الحضارات القديمة في الإمارات، والاطلاع على الحرف اليدوية القديمة في الإمارات، إلى جانب التعرف على الملابس التقليدية في الإمارات.
لدى مدونة ماي بيوت مجموعة من المواضيع الاجتماعية والعقارية والترفيهية والمنزلية، التي من شأنها أن تسهل عليك الكثير، لذا ننصحك بمتابعتها دائماً لمعرفة آخر الأخبار. في حال كان لديك أي استفسار، لا تتردد بالتواصل معنا عبر حيّز التعليقات الموجود أسفل الصفحة.